فايز شبيكات الدعجه - داعش كان مختبيء وظهر مجددا ليضرب سوريا والعراق وفي طريقه على ما يبدو الى بقية المجتمعات الضعيفة بدءا بالعربية منها بطبيعة الحال والتي لا تزال تعاني من الهشاشة الامنية وسيضربها كعادته في العمق.
معالجة السلوك الإرهابي اكبر بكثير مما يفكر به السياسيون والعسكريون في الدول الهشة. ما يقومون به مجرد إجراءات تكتيكية سطحية لا علاقة لهة بشفاء عضال التطرف .
مع اشتداد خطر الارهاب لم يعد هناك محلا للمكافحة العشوائية والاجتهادات الشخصية القائمة على الخبرة الذاتية او الخلفيات السياسية والعسكرية بمعزل عن المعالجة العلمية المتكاملة للظاهرة ، وسيستمر استيطان التطرف والإرهاب في الدول الفقيرة امنيا في المدى العلمي المنظور.
بواعث ومسببات الجريمة الإرهابية هي بواعث ومسببات الجريمة بشكل عام ، وتجري الأبحاث والدراسات العلمية في المجتمعات المتقدمة في مجال الانحراف ومكافحة الجريمة بالتوازي مع أبحاث المجالات العلمية التطبيقية الأخرى ، مثل الطب والاتصالات والفضاء ، وتوظف نتائجها لزيادة الإجراءات الاحترازية المانعة للجريمة بما فيها جريمة الإرهاب ما أدي الى ظهور البون الواسع في معدلات ارتكاب الجريمة ، وتفاوتها المذهل بين الدول المتقدمة ودول العالم الثالث وعلى رأسها دول الحرب العربية التي لم تضف في مجال العلوم الجنائية مقدار خرذلة ، مثلما لم تقدم في ما ينفع البشرية في مجالات العلم الأخرى . ولتوضيح هذه الحقيقة وكيف تجري الجهود العلمية ، لا بد من الإشارة إلى ان الفحوص والدراسات التي أجراها العالم الايطالي لمبروزو على المجرمين الأحياء والأموات بهدف الوصول إلى نتائج وأدلة تسمح له التمييز بين المجرم والإنسان السوي قد أجريت على 383 جمجمة لمجرمين موتى ، وحوالي 5907 مجرم على قيد الحياة بداية القرن الماضي، وعلى هذا يمكننا ان نقيس حجم الجهود وأساليب البحث العلمي على بقية نظريات الإجرام.
نظرية الاتجاه السيكولوجي ، والنظرية الاجتماعية، والنظريات الحديثة التي ظهرت مؤخرا (المحيط الآمن). (النشاط الرتيب). (أسلوب الحياة) التي تقدم أساليب وقائية متقدمة وسهلة التنفيذ لتوفير حماية ذاتية للفرد والجماعة ، مرت بنفس المراحل من الدقة والجهد وتوصلت الى نتائج هائلة حول علاقة الشعور و اللاشعور و الكبت الناتج عن وجود صراع نفسي في ارتكاب الجريمة ، او تفسير الإجرام على انه ناتج عن ظروف فردية و اجتماعية و يكون تأثيرها مختلف حسب الظروف المحلية الخاصة .
اقتلع العلماء جذور شجرة الإرهاب من مجتمعاتهم ، وأبادوا بذور الظاهرة لتنعم بالرفاهية والطمانية والرخاء ، لمبروزو أجرى تجاربه على ستة آلاف مجرم قبل مائة عام ، العرب عجزوا عن إجراء تجربة واحده في أي من مجالات الجريمة لغاية الآن وليس من المتوقع أن يجروا مثل هذه التجارب .
تربتنا العربية خصبة وشجرة التطرف في أوطاننا يانعة ، وسنبقى نبتلع مر ثمارها ما دامت أدواتنا في المكافحة معتمدة فقط على الأغاني الوطنية والقصائد ، وإنشاء المزيد من المحطات الفضائية وتشييد السجون .وتعزيز أدوات الأمن الداخلي ومعدات مكافحة الإرهاب.
الاردن مستهدف وتعرض كثيرا للعدوان الارهابي، ومع عودة تنظيم داعش للظهور في دول الجوار اصبح من حقنا ان نسأل اين اختفت الاستراتيجية الوطنية لمواجهة التطرف.