بلغ معدل النمو الاقتصادي في تركيا لعام 2010 نحو 7% وهي بذلك من أعلى دول أوروبا والرابعة على مستوى العالم ، وكان هذا النمو مدفوعاً ببعض العوامل منها زيادة الصادرات التركية التي يباع أكثر من نصفها إلى أوروبا ، والباقي إلى أكثر من 180 دولة في العالم حيث وصلت عام 2008 إلى أكثر من 130 مليار دولار خلال خمسة سنوات من نحو 30 مليار دولار.
وصل حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي دخلت تركيا نحو 22 مليار دولار ، وكذلك العائدات السياحية الكبيرة فهي مقصد سياحي جميل وأرخص تكلفة من الإقامة في العقبة أو البحر الميت ، وما يعزز النمو أيضاً تراجع الدين العام التركي من 23.5 مليار دولار في عام 2002 إلى نحو 6 مليار عام 2010 ، ونحن في الأردن منذ 30 عاما ونعاني من الدين ورغم السداد المبكر وإجراءات شد الأحزمة تتضاعف هذه المديونية .
من المتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 5.4% في عام 2011 ، وحسب منحنى فيلبس فإن العلاقة الإيجابية بين معدلات التضخم والبطالة سببت الانخفاض في معدل التضخم بنسبة 8% ورافقها انخفاضاً في البطالة إلى 10% . هذا ما لا نشاهده في الأردن فمعدل التضخم مستقل تماماً عن معدل البطالة ولا يجمع بينهما أي علاقة ، وذلك لأن علاقات الإنتاج منفصلة عن حلقات الاستهلاك ولا تأثير لأي منها على الآخر .
من القطاعات الرائدة في الاقتصاد التركي وتعتبر من محركات النمو الاقتصادي : السياحة والسفر، والاتصالات ، ويساهم قطاع الخدمات بنحو 60% من الناتج ، وهو بذلك شأن معظم اقتصاديات العالم من حيث هيمنة الخدمات على الإنتاج السلعي ، كما أن قطاعات السياحة والاتصالات من القطاعات الأكثر نمواً في معظم دول العالم ، ونحن في الأردن قمنا بخصخصة الاتصالات وأصبح قطاع السياحة ومنتجاته السياحية ملكاً للقطاع الخاص يتحكم بأسعارها ، بل أن منصب وزير السياحة نفسه أصبح للترضية دون أدنى تمحيص في مؤهلات وإمكانيات من يشغله .
الاقتصاد التركي يبلغ نحو 20 ضعف حجم الاقتصاد الأردني حيث يصل إلى 750 مليار دولار ، وعليه بلغ معدل دخل الفرد نحو 10000 دولار خلال ستة سنوات ، وتقع تركيا في المرتبة 16 بين اقتصاديات العالم و6 على المستوى الأوروبي.
للعلم كانت تركيا تتبنى برنامج للتصحيح الاقتصادي عام 1999 ، ودخلت تركيا عام 2001 في أزمة عميقة خفضت من النمو ، وزاد التضخم وأسعار الفائدة بشكل قلل من الاستثمار بسبب زيادة كلفته ، وارتفعت عجز الخزينة ، وكادت الدولة أن تتخلى عن إدارة الكثير من القطاعات الاقتصادية المرهقة لميزانية الدولة .
نحن في الأردن لا نريد أكثر من " أردوغان أردني " قادر على النهوض الحقيقي والفعلي في الاقتصاد ومكوناته ، ولا نريد المزيد من الشعارات البراقة فمنذ 30 سنة ونحن نرددها . فتعزيز الجبهة الاقتصادية الداخلية يساهم في تعزيز السياسة الخارجية للأردن ويحسن موقعها التفاوضي.
بالنهاية الأردن أصغر من تركيا في الحجم والموارد ولكن المشاكل التي عصفت بالاقتصاد التركي أكثر مما شاهدناه في الأردن ، ومع ذلك فالفرق الآن كبير بينهم .
د.اياد عبد الفتاح النسور
Nsour_2005@yahoo.com