لولاي ما كنتم!
أكاد أجزم أن من أكثر الكلمات تكرارا على خلفية الهيكلة هما:( لولانا ونحن)، فمنذ وقف التعيينات والامتيازات في المؤسسات المستقلة، وصدور قرار هيكلة الرواتب ونحن نسمع –على سبيل المثال- لولا موظفو مؤسسة الضمان الاجتماعي لضاعت أموال الناس، ولولا موظفو مؤسسة التلفزيون لما ظهر أحد على التلفزيون، ولولا موظفو البنك المركزي لضاعت أموال الدولة، ولولا موظفو مؤسسة الاتصالات لانقطعت خدمة الهواتف والانترنت... ولأهمية هؤلاء جميعا يجب أن تبقى رواتبهم مرتفعة، وامتيازاتهم عظيمة دون غيرهم من موظفي الدولة، ولم نسمع أحدا يقول: لولا موظفو القطاع العام وعائلاتهم لما احتجنا للموظفين في هذه المؤسسات، بل ربما لم نكن بحاجة لكثير منها، ولم نسمع أحدا يقول أيضا لولا معلمو المدارس لم نجد من يعلم أبناءنا، ولولا أساتذة الجامعات وموظفوها لبقي أبناؤنا دون دراسة جامعية، ولولا الأطباء نهرع إليهم بآلامنا وفلذات أكبادنا لكان كثير منا ومنهم في خبر كان، ولولا المتقاعدون لما وجد العاملون مكانا لهم، ولولا الأموات لم يوجد الأحياء، ولولا الشعب لم توجد الحكومة، ولولا ولولا... التي لن ينتهي تعداد ما بعدها من أمثلة على الشعب الكادح المظلوم في لقمة عيشه مقارنة بفئة لا تريد فهم حقوق المواطنة العادلة، وتريد أن تبقى متغوّلة على ميزانية الدولة المتورمة دينا، وكان الأجدر بنا أن نقول لولا الوطن لم يوجد المواطنون، ولولا المواطنون لما وضعت القوانين التي يجب أن تكون للجميع، وفوق الجميع، فكل واحد في عمله يكمل عمل الآخر، ولا أحد يتفوق على غيره إلا بمقدار إخلاصه، وتفانيه في خدمة مؤسسته ووطنه.