خاص - عيسى محارب العجارمة - لا شيء يحزنني اكثر من التوقف عن كتابة المقال أثر المقال، واتعمد الغياب لاسابيع تماشيا مع المزاج العام المصاب بالاحباط والاكتئاب، بكل مكان بالأمس ذهبت لقهوة ابو عيسى توجس بعض الناس مني خيفة لأسباب الخوف من كل غريب، شربت قهوة وسط بحليب بثمن اربعين قرشا، وهي للامانه تستاهل الدينار كاملا للجودة والنكهة القوية للقهوة العدنية الأصيلة.
دلفت بعدها لوسط البلد اشتريت كتابا من صديقي الوراق بشارع بسمان بمبلغ دينار ونصف، ودخلت صحن الجامع الحسيني انتظارا لصلاة العصر، تذكرت بتلك الفسحة الروحية التي امتدت لأكثر من نصف ساعة قبل الاذان مكالمتي الهاتفية مساء الجمعة لصديقي الاستاذ فهد الريماوي الكاتب القومي المجلجل، امتدت المكالمه لمدة نصف ساعة مرت بسرعة البرق هو ببيته في الحمر وانا بمكان عملي، كم سرني توقده الذهني وهو ابن الثمانيين عاما، ماشالله تبارك الله، بدأنا بعمله بعد التخرج من جامعة القاهرة عام ١٩٦٥ على ما اعتقد وعمله بصحيفة مقدسية، حيث قال بدأ المشوار بالقدس، يا اسفي.
كادت دموعي تغلبني لقوة العبارة البليغة الموجزة، التي لخصت ضياع القدس اثر نكسة حزيران ١٩٦٧، والتي تبين استاذية ابا المظفر، حبست حزني حتى لا بتاثر الرجل، كان الحديث ذو شجون حول القدس، وعن الصحافة والصحفيين، وشيخوخة الصحف الورقية، قال لي انا اعتبرك كاتب تقدمي ولذا انشر لك بالمجد، ضمن قلة من الكتاب، لان لغتك سهلة وذات مضمون قومي هادف، والاقليمية الضيقة لا تليق بقلمك فابتعد عنها، شكرته لشهادته القوية بحقي انني كاتب تقدمي وهي وسام اعتز به ما حييت من عميد الصحافة الاردنية، فلا يضيرني التهميش والاقصاء بحقي من اي جهة رسمية او اهلية اعلامية او ذات علاقة بالحضور الاعلامي فلا يعرف للكبار حقهم الا الكبار، ويا لقلتهم يا اسفي.
تحدث عن رحيل ابي السعيد معالي المرحوم عدنان ابو عودة، وانهما اجتمعا ذات يوم على مائدة الملك الحسين رحمهم الله جميعا، ضمن جلسة ضمت رؤساء تحرير وصحفيين، فقال ابو السعيد لجلالة الملك، سيدي انا انصح كريمتي لتقرأ لفهد الريماوي، لتاخذ عنه الأسلوب لا المضمون، لينتفض ابا المظفر ويستسمح الحسين العظيم بالرد وانها تورية من قبل ابو عودة لينفجر الملك بالضحك وينصف الاستاذ الريماوي الذي استميحه عذرا لنقل شيء من حدينا لان المجالس بالامانات، ولكن من حق الاجيال ان تعرف مدي اهتمام الحسين بأهل الكار الصحفي وأولهم شيخ الكار العم الفاضل ابا المظفر.
صليت العصر جماعة بصحن المسجد الحسيني ورحلت روحي صوب الأقصى، فتذكرت عبارة صديقي العزيز فهد الريماوي :- القدس يا اسفي، وليس لها من دون الله كاشفة يا قدس يا زهرة المدائن، عليك الف سلام، وعلى الشهداء الذين أرواحهم ترفرف فوق مسائك كل وقت وحين.