** الصحفي محمد الملكاوي
من صفوف خلفية قاطع "مواطنٌ" من بني كنانة الاحتفال أمسٍ الأول ونادى على جلالة الملك طالباً منه أن يتشـرّف بالسلام عليه؛ فابتسم بقلب هاشمي مفعم بالحب وأومأ برأسه لهذا النداء، وما هي إلا ثوانٍ حتى خرج من بين الصفوف كـُرسيٌّ متحرك يـُقوده رجلٌ يتشوّق كلّ ما فيه للسلام على قائد الوطن، فدمعت عينيّ ككثير من العيون حينها، لأن أقدس لحظة في حياة المواطن الأردني هي عندما يـُصافح جلالة الملك.
(الملك) ... ما أعظم هذه الكلمة في وجداننا وما أسهلها على ألسنتنا؛ خاصة إذا ما تعانقت مع نسيم نهر اليرموك على هضاب قرى العبيدات، بكل ما في لواء بني كنانة؛ من إرث الإغريق واليونان والرومان، وبكل ما فيه من رائحة السيد المسيح (عليه السلام) عندما جالت عينيه على أمّ قيس والمخيبة من بحيرة طبريا؛ وبكل ما فيه من عبق الصحابة والفتوحات الإسلامية، عندما تجحفل الجيش الإسلامي في منطقة الجحافل في بلدة ملكا ليصنع النصر في معركة اليرموك.
شخصت كل العيون نحو الملك؛ على تغريد الحسـّون وطائر الدوري بين غابات زيتون الكفارات وعسل الشريعة (نهر اليرموك) ونخوة الروسان، وكأن نسائم الشمال تـُغني في أفئدة الجميع وتهتف : الشعب يريد جلالة الملك.
ومثلما هي لمسة جلالة الملك هاشمية دافئة لامست كل القلوب؛ كانت طواقم الديوان الملكي تـُترجم لوحة فسيفسائية زاهية من أبناء اللواء الحضور؛ وكانت البشاشة منذ أول محطة للتشريفات الملكية والحرس الملكي، الذين حرصوا على أن يكون اللقاء الملكي في أبهى صوره، فلقاءات الملك بأسرته هي أعظم (قمـّة) ملكية.
استذكرت في تلك اللحظة شريطاً يختلط بالدم في بعض البلدان العربية الشقيقة، وحمدت الله بأن أول ركن من أركان الحـُكم الهاشمي يقوم على المحبة ودفء القلب، وأن رصاص جنودنا هو لحماية الوطن من أي عدوان خارجي؛ وأن الديوان الملكي هو عرين الأردنيين، وأنه بيت العز الطاهر رغم سهام الحقد التي تنهشه بين فترة وأخرى.
جلس بيننا جلالة الملك بتواضع، فاستحضرنا معه التاريخ بشموخ؛ واستحضر معنا المُستقبل المـُشرق، مؤمنين بأن جبال وهضاب وسهول بني كنانة، هي إرث العراقة بين القائد والشعب، وهي تـُحاكي قمم البلقاء وعجلون وصدى مؤتة والحـُميمة وحكايات الإنسان الأردني الأول في أرض الأنباط.
جلس معنا الملك في بني كنانة؛ ولم ينفض السامر بعد؛ لأن جلالته ما غادر قلوبنا وعقولنا يوماً؛ ولأن زيت الكفارات لا يرتوي إلا من طيب ماء الهواشم، ولأن اليرموك هو امتداد لإرث الهواشم، وها هو الدحنون والأقحوان وحبات الندى وبلابل حوض اليرموك تنادي كل الأردنيين بأن يكون الوطن أولاً وآخراً على أجندتهم، بعد أن سقطت كثير من الشعارات في هذه المرحلة الصاخبة من حياة أمتنا العربية.
لقاءات جلالة الملك مع شعبه، هي رسالة وطنية مـُقدسة، فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ!؟
--------------------------------------------------------------------------------
** صحفي / الناطق الإعلامي لهيئة مكافحة الفساد