الدكتوقراطية
لكي لا نبتعد كثيرا فالمقصود هو المزج بين التجبّر بإتخاذ القرار وإظهاره وكأنه تم بطريقة ديموقراطية وهذا ما يتم الآن في عمليات الإصلاح ومحاربة الفساد وهناك العديد من الامثلة فعملية الهيكلة وإصلاح الخلل في الكادر الوظيفي تم بشكل دكتاتوري واظهرته الحكومة من خلال بعض موظفي القطاع العام وكأنه يلاقي القبول من الغالبية كذلك مناقشة بعض قضايا الفساد واهمها قضية الكازينو وقضية شاهين حيث كانتا انفراديّة التصرف ومعالجتها كانت مثيرة للغضب العام .
حتى نتائج اعمال لجنة الحوار الوطني مع انها توسعت في حواراتها إلاّ أن نتائجها لم تلق القبول حتى من بعض اعضائها كذلك تعيين رؤساء اللجان البلدية فإن هناك من بين هؤلاء الرؤساء من يقول إن الفساد يمنعه من التنمية والتطوير في بلديّته .
واخيرا برزت قضية جدول اعمال الدورة الإستثنائية لمجلس النواب وإستقالة الناطق الرسمي وزير الإعلام بخصوصه والتي إضطرت رئيس المجلس لممارسة صلاحياته القاسية بمنع بعض النواب من الحديث في هذا الموضوع بإعتبار أن الدورة حُدد جدول اعمالها بإرادة ملكية سامية بينما بعض النواب يرون ان الجدول وضعته الحكومة حسب اهوائها .
هل بقي هناك مجال للمراوغة في إتخاذ طريق الديموقرطيّة خطا واضحا لا ضبابية فيه بعد كل الثورات الشعبية التي أودت بحكومات وزعامات عربيّة للمطالبة بالتغيير والإصلاح والتي أوقعت العديد من الضحايا والكثير من الخسائر الماديّة بل وتوقف عمليات التنمية حتى يتم التخلص من الفاسدين ومحاكمتهم وإيقاع العقوبات التي يستحقونها.
وأمّا في بلدنا فبحمد الله وحكمة قيادته ووعي شعبه فما زالت الحركات سلميّة التعبير وواضحة الطلب والهدف وآن الآوان للحكومة هذه أو غيرها تفهُّم مطالب الشعب وتعمل على تحقيقها بدءا من مكافحة الفساد بشكل صريح وفعّال وعلني وإعلان العقوبات وتطبيقها وإسترداد ما يمكن إسترداده وتصويب ما يمكن من إجراءات متّخذة لمصلحة خاصة .
وليس عيبا ان يتنحّى أي وزير أومسؤول يشعر انه ليس بقادر على تحمّل المسؤوليات الملقاة على عاتقه ويعطي الفرصة لغيره .
وحتّى الان وحسب ما يصدر من مسؤولين سابقين ومنهم رؤساء حكومات من تصريحات لا يبعث الامل في النفوس من أنّ الفرج قريب ولولا مساعي جلالة الملك الحثيثة وتوجيهاته السامية بإجتثاث الفساد ومحاسبة الفاسدين وسعيه الدائم إقليميا ودوليا لمنعة الاردن والتخفيف عن الشعب مما يريح الشعب قليلا ويأمل بالفرج إن شاء الله .
الفساد هو الاساس في العجز المالي والتراجع في الاقتصاد الوطني والعنف الإجتماعي وممارسة الشللية والمظاهر الاجتماعية السلبية .
لا أحد يستطيع أن يُنكر التقدّم الاردني في نواحي عديدة منها التشريعية والمؤسسية والعلمية والتعليمية والطبية والصناعة والسياحةوالعمران وغيرها من المجالات ولكن لو تخلّص الاردنيون من الفاسدين منذ فترة لكانت هناك طفرة في كل المجالات بالرغم من شح المياه والمال ولأن الحسين الباني رحمه الله قال إن ألإنسان أغلى ما نملك وهذا ما يُكرّسه جلالة القائد أطال الله في عمره منذ تسلمه السلطات الدستوريّة .
ولهذا يجب أن نتخلّص من الفساد والفاسدين لكي يتعافى البلد والمواطن ونسير في طريق الديموقراطية الحقيقية كمطلب جماهيري وقيادي وليس كإيحاءات أو إملاءات أجنبيّة ولن نتوقع من العالم الغربي أن يجلب لنا الخير أو ان يريده لنا .
ولنكن ديموقراطيين بطبعنا وتعاملنا وليبتعد مسؤولونا عن الدكتاتوريّة وفرض القرارات وإخفاء المعلومات والتستر على الأخطاء والخطايا ويجب الإسراع في برامج الإصلاح والتغييرنحو الأفضل .
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)صدق الله العظيم
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ)صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد
دبي – 24/6/ 2011