عندما يراهق الكبــــار (والفيسبوك)
أنا من ضيّع في الأوهام عمراً
بعد تقاعدي المبكر أصبحت شديد الحساسية وكثير الغضب فما عدت أطيق شيء وكنت دائم التفكير بصقل مواهبي الغرامية حتى تعلمت من أبنائي كيفية عمل بروفايل على موقع الفيسبوك ويا له من موقع يشد الكبير والصغير على هذا الموقع تجد الثقافة والعلم وتجد أيضاً السخافة من بعض المستخدمين المتخفيين بصور لفتيات وهم بواقع الحال يقال عنهم رجال بصور زاهية تفوق الخيال.
وما أن أصبحت أعرف كيف يكون الدخول وكيف تكون عملية الشات قمت بإخفاء كلمة السر الخاصة بي من أولادي ومن المصيبة والسجّانة اللي وراي ودخلت عالم الفيسبوكيون والفيسبوكيات.
وفي ليلة من ليالي الصيف الحارة كمشاعري الملتهبة ومع فنجان قهوتي راودتني الأفكار السيئة وإحساس بالخيانة انتابني وما أن قمت بإدخال كلمة السر اللي نص أولاد الحي صاروا يعرفوها من أولادي المحترمين ومن أعمالهم ومشاغباتهم.
فكانت هناك بزاوية إضافة الأصدقاء فتاة بصورة بهية تكاد تكون كالممثلات بهوليوود اسمها ( هيفاء ) ملامحها غربية اعتقدت بتلك اللحظة بأنها هيفاء وهبي وقلت بعقلي هل أنا حقاً ملفت للنظر لهذه الدرجة بالطبع كنت قد ألصقت صور الخطبة على بروفايلي وصور أيام ما كنت بني آدم بملابس نظيفة خالية من شوائب الفقر المدقع.
وأصبحت هيفاء دائمة الاتصال بي على الشات طبعاً من كلمات لم أسمعها منذ زمن بعيد قد أيقظت مشاعر رجل مضى على شقائه عمر أزالت صدأ السنين وكسّرت أزمان العمر أكملها،،، بكلمات أجمل من قصائد العشق والغرام وأزالت عفن الطعام المتبقي على دشداشي الأبيض ،،،فطلبت مني بعد عناء الحب الليلي البوح عن هواياتي وبعضاً من وقاحاتي بمتصف الليل أسهر محدقاً بالنجوم أحلم بلقائها وكم فكرت أقتل المرأة التي تنام جانبي وأصبحت أكره كل شيء إلا هيفـــــاء وضعفت أمام عيونها الذبّاحة اللمّاحة لتطلب مني إجراء ترميم على وجهي المتجعد وصبغ شعري الأبيض لتصبح ملامحي غريبة بعض الشيء مما أثار الدهشة والريبة لزوجة لا رحمة عندها ولا تسامح وعلى صوت عبد الوهاب بأغنيته الرائعة (الجندول) الذي يقول فيها أنا من ضيع بالأوهام عمراً وجدت رسالة من هيفاء تقول فيها أنها متيمة للقائي قريباً وحددت مكان اللقاء وطلبت مني بالطبع لباس جاكيت كحلي ووضع وردة حمراء علامة فارقة لكي تميز ( روميو ) بكراج السيفوي بمنطقة الشميساني فأصبح جسدي ينتفض من خوفي لأن يشاهدني أحد من الأقرباء المملين والفضوليين وأنا بذلك المنظر الغريب المريب وجلست أكثر من ساعة أقنع زوجتي بأني ذاهب لشراء بعض الحاجيات من ذلك المكان وارتديت ملابس شبابية ونظارات شمسية غيرت ملامحي ولم أعد أشاهد شيء من سواد النظارة الشمسية الرخيصة.
وذهبت قبل الوقت المحدد بساعة تقريباً والذي لم أشاهده منذ حرب الخليج الأولى شاهدته ذلك اليوم وأسمعوني كلمات ليتني أنساها وألفاظ مشينة كنت أستحقها فعلاً وكنت أكابر وأنظر للبعيد منتظر هيفــــــــــاء ،،،،،،،، فكل فتاة كانت تحضر للمكان كنت أجزم بأنها هي وبحثت عنها كثيراً ولم تأتي بعد،،،، وإلا بعاصفة هوجاء بهذه اللحظة المراهقية من شلة همل وسرسرية كانت تمتطي عفواً تقود سيارة بي إم زعرة كما يقال ،،،،عاكسوني وأحدثوا الغبار على جاكيتي الكحلي وقالوا لي وردة حمراء يا هيفاء.
(تعيش وتاكل غيرها عمو) وسلم لنا على هيفـــــــــــاء استحي على شيبتك يا مراهق ،، فسقط مني ما سقط بلحظتها وبكيت على نفسي التي أوصلتها إلى هذا الذل الذي كنت بغنى عنه،،الله لا يحطكم محلي بهذيك اللحظة لأفاجئ بأخت زوجتي اللئيمة صاحبة العيون الجاحظية مستهزئة من منظري بقولها(عشنا وشفنا والله) حسبي الله ونعم الوكيل
عدت إلى دياري وكان ينساب مني صدأ السنين خجلاً لم أعهده بحياتي ومن الذي حصل معي،،،، بالاتفاق مع أبني وشلة الأنس تبعته وكل المتآمرين بهذه القضية ،،،،لم أكن أعتقد يوماً بأن حالي سيصل إلى هذا الحد من مهزلة لرجل كان يعتقد بأنه ما زال مراهق.
بالنهاية تجذب هذه المواقع الكثير والعديد من الرجال والنساء منهم الصادق ومنهم الكاذب والباحث والعالم وكلٌ عن ما يبحث تبقى القرصنة والكذب والنفاق سيدة الموقف وبعض الناس تحب أن تتقمص دور أشخاص لا يمتون بصلة لهم من صور وغيرها من الكلمات والإغراءات وإياك والوقوع بمثل هذه الكذبات فكثير هي الأشخاص التي تنتحل الشخصيات ومن باب التسلية والاستهزاء يصلون لغايتهم مع وجود رجال تبحث عن حب عابر وعلاقات مشبوهة عبر الشات. لا نقصد أحد معين فأنا من المتابعين لهذا الموقع المهم أن نعلم أبنائنا كيف تكون هذه المواقع وكيف نحترم الآخرين ونحترم خصوصياتهم.
الكهل المتصابي
هاشم برجاق 21-6-2011
الموقع الرسمي للكاتب
www.hashem.jordanforum.net