زاد الاردن الاخباري -
ثمة سؤال يعتمل هذا الأوان في صدور الجنوبيين في محافظات معان والكرك والطفيلة والشوبك والبادية الجنوبية مفاده : ما الذي تغير من ظروفهم واحوالهم بعد واحد وعشرين عاماً من انتفاضة العام 1989 من القرن المنصرم التي انطلقت شرارتها من محافظة معان ؟
اصحاب هذا السؤال يقولون ان الجنوب "الصابر" مهر تلك الانتفاضة، التي افضى اندلاعها الى الانفراج الديموقراطي، واعادة الحياة البرلمانية، بالشهداء والجرحى والمعتقلين، لكنه وفق رأي النائب السابق علي الضلاعين خرج من المولد بلا حمص، واتسعت في محافظاته دائرة الفقر والبطالة، وازداد التهميش الذي يتعرض له فسجل وفقاً لاحصاءات رسمية معدلات عالية في عدد جيوب الفقر مع ان باطن ارضه يحتوي على اهم موارد الدولة·
ويقول الجنوبيون انهم هم من نبهوا عبر انتفاضات 1989، و1996، و2001 الى ارتفاع المديونية، وبيع احتياط البنك المركزي من الذهب، ولفتوا الى بعض الملفات الخطيرة، لكن شيئاً في حياتهم لم يتغير بل ازداد حال الناس سوءاً عما كان عليه سابقاً·
في معرض الاجابة عن ذاك السؤال يلفت النائب السابق الضلاعين الى وجود انتكاسات كبيرة تلت تلك الانتفاضة من ابرزها وصول المديونية الٌّى ارقام قياسية، وتصاعد عجز الموازنة الى نحو 11 مليار دينار، وتخفيض مرتبة الاقتصاد الوطني من مستقر الى سالب، حسب تصنيف الوكالة الدولية "موديز" اضافة الى ارتفاع المديونية الى نحو 06% من الناتج الاجمالي·
ويقول ان الامر لم يتوقف عند هذا الحد بل تم بيع مقدرات الوطن "الفوسفات، والبوتاس، والاسمنت" وربما لاحقاً "الصخر الزيتي واليورانيوم"، كما تم التصرف بآلاف الدونمات من اراضي الخزينة والمراعي والحراج، وتم بيعها او تفويضها كاستثمارات سياحية وزراعية في عدد من المناطق الجنوبية والغورية وغيرهما·
احد النشطاء السياسيين لفت الى امر محزن ومؤلم حين قال ان الكثير من الجنوبيين يعيشون في ظروف اقتصادية ومعيشية غاية في السوء حيث الاطفال الحفاة العراة وجوههم شاحبة في بعض القرى المنسية، لافتاً الى ان الاردن يحتوي كنوزاً طبيعية قد تجعله اكثر ثراء من بعض الدول الخليجية·
وقال الناشط ان تنظيرات الليبراليين في مجالسهم ومؤتمراتهم وعبر التلفزيون توحي بانهم يتحدثون عن سويسرا، بينما واقع الحال هو اقرب الى المجاعات الافريقية، فأي رماد يذره هؤلاء في العيون ؟
ويرى الجنوبيون ان هذه الاوضاع افرزت احباطاً انعكس سلبياً على الشباب لجهة تزايد حالات الانتحار حيث سجل العام الماضي تسع حالات او محاولات انتحار في الكرك، واثنتين في الطفيلة، وواحدة في العقبة، وثلاث في معان، بينما سجل العام الذي سبقه سبع حالات، لافتين ان جلّ المنتحرين او المحاولين هم من حملة الشهادات الجامعية ومن غير المتزوجين، ومن العاطلين عن العمل·
وتعقيباً على الاحصائية الآنفة قال احد النشطاء السياسيين ما يحز في النفس ان الثروات الطبيعية المكدسة في باطن الارض والتي يجري استغلالها في مشاريع حيوية واقتصادية تعود على الاردن والاردنيين بالنفع والفاٌّئدة، قد عجزت عن بلوغ ابناء المنطقة وتوفير سبل العيش الكريم لهم، ما يدفعهم الٌّى هجرة مناطقهم بحثاً عن حياة فضلى وظيفياً ومعيشياً، متسائلاً لماذا لا توجد في الجنوب مشاريع اقتصادية وحيوية، واين هي خطة انعاش وتطوير المحافظات الجنوبية منذ عام 1989 وحتى الآن ؟ لافتاً الى ان كل الدول لديها عواصم اضافية غير العاصمة السياسية، ولديها قطاعات جغرافية بديلة، فلماذا لا يكون مثل ذلك في الاردن بدل ان يتركز كل شيء في عمان، العاصمة التي تفيض بمشاكلها وسكانها، والتي يجري اختصارها في سبعة شوارع بعمان الغربية ؟
وقال ان من اخطاء دوائر صنع القرار الاعتماد على قائمة جاهزة لتوزيع المناصب على بعض ابناء الجنوب فمن يغيب منهم يعود ليحضر مجدداً، واغلبهم ليس له رصيد شعبي، ولكنه ينعم بالامتيازات وسكن القصور والفلل، وسار في ركاب الحكومات ووقع العرائض والولاءات، وحجب واقع منطقته التي ركب على كتفها·
واشار معارض جنوبي اخر الى ان الجنوب كان فاتحة الدولة في بداية القرن، فتجلت الدولة في عمان، وبقي الجنوب على حاله كما بيعت مقدراته من الفوسفات والبوتاس والاسمنت·· والعقبة ·· الخ، وكان نصيبه من ذلك البيع هو الغبار والتلوث، متسائلاً من الذي خصخصها من وراء ظهر الشعب ؟
وعلى العموم ـ والكلام للناشط ــ اليوم هناك حراك جنوبي نشط لطرح الاسئلة المحرمة وسط حراك المعلمين وعمال المياومة والمتقاعدين وموظفي البلديات ومن خلال المسيرات والاضرابات الجنوبية، مذكراً بان عمان استأثرت بموارد الجنوب ولم تقم مصنعاً واحداً هناك، مضيفاً قوله: نحن نريد نصيبنا من مقدرات مناطقنا اسوة بالدول الاخرى كالولايات المتحدة وفرنسا وبعض دول امريكا اللاتنية وقال هناك خيارات اخرى صعبه يتم تداولها نرفض ذكرها، محذراً من الغضب الكامن والمخيف الذي يعتمل في صدور آلاف الشباب من ابناء الجنوب للحالة التي وصلت اليها اوضاعهم·· ناهيك عن تدن في مستوى الخدمات هناك مثل الطرق والمستشفيات والتعليم، وافتقار غالبية المدن لابسط الاحتياجات الانسانية، مذكراً بما تعرضت له قطاعات العمل الرئيسية في الجنوب من تدمير خلال السنوات الماضية وبشكل منهجي في قطاع الشاحنات وتربية الماشية والزراعة، حتى بدا للمتابع وكأن الحكومات فقدت عقلها في التعامل مع ركن اساسي من اركان الدولة·
وفي السياق قال مسؤول سابق من الجنوب·· ان الانغام الطوباوية عن التطور ودافوس المناطق التنموية···والاستثمارات وووو،···· هي جعجعة بدون طحن مفيدة للاستهلاك المحلي·· حيث فقدت صلاحيتها منذ زمن بعدما ذاب الثلج وبان ما تحته فالامور لا تعالج بالهبات والافلام، والميلودراما على شاشات التلفاز، "فنحن في القرن الواحد والعشرين وهناك ثورة اتصالات والكل يعرف فلا مجال للمراوغة"·
عن صحيفة "المجد"