وعلى سيرة الحروب وعلى أنغام قرع طبولها، نواجه حالياً نوعاً من الهجمات التي تدار بماكينة اعلامية عالمية تمويلها ضخم وعملها دؤوب، وتضرب بكافة الاتجاهات وعبر منصات ضخمة.
الهدف ، أن نقبل «المش» عادي، بل أن يصبح عادياً مقبولاً ، والأدوات، أعمال فنية ، وطروحات من «ريموت كونترول « يسمى مؤثري السوشل ميديا، و»نجوم» فن وغيرهم، يقدمون نماذج قد تكون أو هي كذلك بعيدة عن واقع عائلاتنا وحياتنا الفعلية، والخطر أن يصبح هؤلاء قدوة فيما يقدمونه لجمهور قد يكون بعضه قليل الثقافة والمعرفة والاطلاع على مكنونات مجتمعه وميزات هويته.
هذه جميعها تصوب بدقة نحو أسمى منظومة عرفتها البشرية، «الأسرة» ، هذا الكيان التقليدي من أب وأم وأبناء.
ومن السهام التي تصوب نحو قيمة الأسرة على سبيل المثال تشجيع الانفصال، وتصوير هذا الانهيار ، على أنه حل ومنجى، وأن كان كذلك في حالات معينة ، إلا أنه في عرفنا العربي ما زال «أبغض الحلال» وليس أول الحلول حتى نخرج بنهاية سعيدة للبطلة أو البطل، أو تجميع ترندات ولايكات تعاطفية.
السهم الأكثر سمية هو تشجيع نماذج تشوه بشكل صارخ الإنسانية وكما خلقها الله ، من خلال تشجيع المثلية ..! وأيضاً العلاقات بلا مسميات أو ضوابط.
وكأن هذه الماكينة تقود جيل جديد وتفرض عليه قبول «المش» عادي ، الذي أن لم تقبله تصبح متخلف ورجعي ومتأخر عن ركب الحضارة ! .
ما نحتاجه اليوم، آلة اعلامية مضادة، وبعيدة عن مكاسب مادية مهولة لصناع « اللعبة» وواضعي قواعدها.
اعلام وثقافة وفكر قادر على مواجهة تيار جارف، اليوم نحن أقرب لمعرفة ورؤية طبيعة المعركة وأدواتها، وهذا نصف الطريق.
ترى من يملك اليوم القدرة على أن يصدح بصوت الحق، ويصحح اعوجاج ما يطرح وله أبعاد على عتبات مستقبل قريب، لا أحد وحده ، ولكن أولئك الذين ما زالوا على يقين بالمثل والقيم والهوية يستطيعون، فالخطر ليس ديني أو اخلاقي، بقدر ما هو مجتمعي انساني.
فالعادي القادم هو ترويج للخيانة والتفكك وانهيار منظومات لطالما جعلتنا مختلفين ، أقلها صورة الأسرة.
خطوات قبول «المش» عادي هذه، يعتقد البعض انها تقودنا للأمام الا انها في الواقع تيار يجرفنا ملايين الخطوات إلى الخلف ، حتى وان اخترنا لها مسميات حداثة وتقدم.
التكرار في نماذج ضد الفطرة والعقل ، يجعل قبولها والاعتياد عليها «عادي» بل وأقل، بحيث لا تعود تزعجنا، وهنا يبدأ التشوه.