«الأمن السيبراني»، مصطلح جديد، أو ليس من المصطلحات المتداولة في تعاملنا مع العالم الرقمي والتكنولوجي، وإن كنّا نتحدث عن تفاصيله بطرق متعددة، كالقول بأن هاتف أحدهم تعرّض للاختراق، على سبيل المثال لا الحصر، الأمر الذي يجعل من المؤتمر الذي عقده أمس الأول وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول، ورئيس المركز الوطني للأمن السيبراني المهندس أحمد ملحم هاما جدا إذ منحنا «محوا للأميّة» في جانب رقمي هام وحساس، ناهيك عن ما تم الكشف عنه من معلومات قيّمة حول هذا العِلم الهام، وما أشّر له من جوانب تستدعي التنبّه لها ولأهمية متابعتها.
ومن أبرز المؤشرات والرسائل الهامة للمؤتمر، موقع الأردن في مجال الأمن السيبراني، هذا العِلم والعالم الذي ما تزال خطى الإنجاز به متواضعة على مستوى اقليمي، إن لم يكن عالميا، إلاّ أن الأردن سجّل تفوقا به، وأوجد لنفسه مساحة هامة على خارطته اقليميا وعالميا، وما يزال هناك جهود تبذل لمزيد من تحقيق التطوّر بهذا المجال، وجعله أكثر تقدّما وتميّزا.
المؤتمر الذي تم خلاله الكشف عن مسألة هامة، وحساسة عندما أكد وزير الدولة لشؤون الاعلام أن الأردن تعرض خلال عام 2021 لـ897 هجوماً سيبرانيَّاً موثَّقاً لدى المركز الوطني للأمن السيبراني، باستثناء الهجمات التي لم توثق وتتلقَّى الجهات المختصَّة إبلاغاً بها، فيما كشف مدير المركز أن الحوادث السيبرانية المسجلة لدى المركز بلغت 897 حادثا خلال 2021 حسب جهات التهديد، 34 بالمئة منها مرتبطة بالمستخدمين، و27 بالمئة كانت من دول أو مجموعات مرتبطة بدول، و 26 بالمئة مرتبطة بالجرائم السيبرانية، و13بالمئة مرتبطة بالتنظيمات المتطرفة أو الإرهابية، ليس هذا فحسب إنما كشف أيضا أن هذه الهجمات صدرت عن (40) دولة تستهدف مؤسسات أردنية، فيما كانت 4 بالمئة من الهجمات الالكترونية لأهداف تجسس وأخرى سياسية واقتصادية.
وبدا واضحا في حديث الشبول وملحم، أن هذه الهجمات استهدفت مؤسسات كبرى في المملكة، ومن أبرزها المؤسسات العسكرية والأمنية، والقطاع المالي، وشركات الاتصالات، وقطاع الطاقة / شركات الكهرباء، والمؤسسات الحكومية، وسفاراتنا في الخارج، ليتضح للجميع أن هذه الهجمات لا تبالغ إذا ما قلنا أنها عاصفة تشنّ ضد المملكة، وتشكّل خطرا يجب على الجميع التنبّه له، حتى الأشخاص وليس فقط المؤسسات، إذ تضمن حديثهما تنبيه ودعوة لكل من يتعرض لمثل هذه الاختراقات أو الهجمات اللجوء لمركز الأمن السيبراني الذي يتمتع بأعلى درجات الكفاءة لمواجهة مثل هذه الاعتداءات، وتصويب أي أضرار تسببها.
تفاصيل كثيرة، يمكن قراءتها من المؤتمر الصحفي الذي عُقد لغايات الكشف والإعلان عن تفاصيل الأمن السيبراني في المملكة، ولعلّ أبرز من يمكن رؤيته بوضوح أن هناك خطرا يجب التنبّه له يستهدف مؤسسات سيادية في المملكة، وأشخاصا، يقابل ذلك وجود مركز أمني خاص بهذه الهجمات من شأنه ملاحقة أيّ جهة أو شخص أو حتى دولة تقوم بذلك، ويمكن القول أن الأردن سجّل انجازات بهذا المجال، يؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح، فضلا عن كونه تمكّن من ضبط 897 هجوماً سيبرانيَّاً أصبحت موثَّقة لدى المركز الوطني للأمن السيبراني، ولم ينتج عنها أي أضرار بالمؤسسات التي تعرضت لها، اضافة إلى أننا أصبحنا جميعا نملك معرفة بالأمن السيبراني ووجود مرجعية للحماية من أي هجمات سيبرانية، وكذلك بتنا ندرك ضرورة التنبّه لهذا النوع من الخطر والأخذ به على محمل الجد.