يحدثني الصديق المبدع ياسر قبيلات بأنه وجّه لي نقداً في أحد غرف الحوار المغلقة ( مجموعة اتصالية تتواضع على طرح موضوع ويناقشوه)، نقداً سعدت به، وحفزني أكثر للمضي بما أنا به من انتاج معرفي، والنقد كان بأني غير نشط في كتابة تاريخ الأردن، وأنني اهتممت أكثر بتاريخ دمشق، وأني انسقت للمناصب والعمل العام، وكأن ذلك الأمر عيب، ثمّ أن ياسر يجد في تجربتي بالعمل ناطقا للجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسي مثلبة. والموقف من اللجنة عنده كموقف ناس كثر.
أشكر ياسر قبيلات الذي هاتفني بعد انهاء الحوار، وزاد بالتوكيد على رأيه بي وتمسكه بنقده، مؤكداً بأني يمكن أن أخدم المعرفة التاريخية الأردنية بشكل أفضل، وهذا أمر اتفق به في حال كان لدى أي باحث قدرة على التفرغ. ومع ذلك انتاجي العلمي عن الأردن غير معقول، مع حفاظي على الانتاج في تخصصي الدقيق.
مما قاله ياسر أني كتبت بحثا واحد عن الأردن وهو بعنوان «الحركات الإسلامية في الأردن»، وأن ذلك انتهازية سياسية، وجاء في غمرة التمويل الدولي عن تلك الأبحاث، والصحيح أني لم انشر بحثا واحدا ممولاً، والبحث الذي اشار إليه كان ضمن موسوعة الحركات الإسلامية التي اشرف عليها الزميل المرحوم عبدالغني عماد، والناشر هو مركز دراسات الوحدة العربية وهو مركز مرموق ومحترم.
ثم أني مضطرا بأن أشير لانتاجي العملي عن الأردن، فقد نشرت كتاب عام 2017 بعنوان «الأردن المعاصر اشكاليات التدوين والثورةو الحركة الوطينة»، وأنا اعمل على كتاب ثانٍ قريبا يدفع للمطبعة، وعام 2019 صدر لي كتاب الإخوان والقصر في الأردن: عن دار مدارك في دبي. وفي عام2021 صدر لي تحقيق مشترك مع د علي محافظة ليوميات عارف العارف في شرق الأردن، والناشر هو المركز العربي للابحاث والدراسات في الدوحة وهو اليوم من اكثر المراكز جودة في النشر.
أنا وحد من زملاء مؤرخين، احترم التخصص الدقيق كثيرا، وهو في حالتي عن دمشق في القرن الثامن عشر، وانا اتجاوز على حقل الاختصاص احيانا بالذهاب لجهود وحقب اخرى. كما أني منشغل بالأونة الأخيرة بالتحقيق العلمي.
انا سعيد جداً بنقد العزيز ياسر قبيلات، لكن تهمته كبيرة بأنني «منتهز سياسيا»، لأني كتبت بحثا عن الحركات الإسلامية في الأردن، مع أني لم اتقاضَ فلساً واحداً من مركز دراسات الوحدة العربية، أجدها توصيفا وتهمة في غير مكانها، لكن في الحوار الذي دار واخبرني به ياسر ما جعلني سعيدا بأن هناك من يراقب اعمالك وجهودك، وغالبا المتابعة تكون غير دقيقة، والباحث لا يستطيع أن يعرض كل أعماله للملأ والإعلان عنها، فهناك احكام قاسية تصدر من الجمهور.
مع كل ذلك، شكرا لياسر قبيلات المقيم في الغربة، على نقده الشجاع وتقديري الكبير لكل من يحاول ان يدفعنا للأمام بنقده، سواء بغرف مغلقة الكترونيا او عبر الهاتف ولو بمكالمة طويلة كما حال العزيز ياسر قبيلات.