زاد الاردن الاخباري -
ضمن منشورات دار "العائدون للنشر والتوزيع" (عمّا- الأردن)، صدرت أعمال الشاعر السوريّ الرّاحل زهير ميرزا (1922- 1956)، في كتاب من الحجم الكبير، وتضمّ أعماله الشعريّة والنثرية التي كتبها في حياته القصيرة، وقد جمع الأعمال وأعدّ الكتاب للنشر كلّ من ابنَي الشّاعر د. محمد قيصرون زهير ميرزا والأستاذة مجدولين زهير ميرزا، وقدّم للأعمال الشّاعر السّوريّ المعروف عبد القادر الحصني بمقدمة مكثفة وشاملة. وجاء المجلّد في 415 صفحة.
وقد كتب الحصني، إضافة إلى كتابته عن ميرزا، عن جيل كامل ينتمي إليه ميرزا، وجاء في تقديمه:
الشاعر زهير ميرزا، في أعماله الأدبيّة، الشعريّة والنثريّة، ينتمي إلى شعراء النمط الثاني الذين أسهموا في مهد هذا المنعطف في المشهد الشعريّ من النصف الأوّل إلى النصف الثاني من القرن الماضي، وما قدّمه من إسهامٍ – في ما أرى – يضعه في طليعة شعراء هذا المنعطف.
وقد كانت له مواطن كثيرة سكن فيها، وسكن إليها في أشعار هذا الديوان، منها:
الرشاقة الساحرة في المفردة والتعبير، لا سيّما في غزله، حتى لتقتنع فعلاً أن الغزَل والغزال والغزْل من جذرٍ لغويٍّ واحد. فقد غزلَ زهير ميرزا ونسجَ، فإذا بالمعاني تَمثُلُ للذائقة مجسَّدةً بالمباني من الحروف والكلمات وتتاليها سابقةً الفهمَ في تلقّيها.
هذا إلى جماليات أخرى يمكن للدرس أن يجلوها، ويقدِّم الشواهد عليها بأكثر مما تستطيع هذه الكلمة في تقديم هذا الكتاب، ويمكن أن يقف على ما التقى فيها من مؤثرات، لا سيّما مؤثرات المعاصرين للشاعر كبشارة الخوري وإلياس أبو شبكة وعبد الباسط الصوفي.
في ختام هذا التقديم لا يسعني إلا النظر بعين التقدير إلى هذه التجربة الأدبيّة وصاحبها، فهي تجربة تنمُّ عن حوار واسع الطيف ثقافيّاً مع أعلام كبار على الساحة العربيّة، لا سيّما في مصر ولبنان كتوفيق الحكيم وميخائيل نُعيمة. وعن مقدرة على الإبداع في أجناس أدبيّة عدّة في الشعر والقصة والمسرح والمقالة في عمرٍ قصير نسبيّاً لتجربة عاجلها القدر، وهي في ريعانها، ولمّا تفصح عن معظم ما لديها.
كما أتوجّه بالتحيّة إلى من أعدّوا هذا الكتاب، فقد أسدَوا يداً بيضاء إلى المكتبة العربيّة، وأحيوا ذكرَ الشاعر وذكراه لأجيال قد ترى في إبداعه أكثر وأعمق مما رأينا.
ومحمد زهير ميرزا، كما جاء في مقدمة الكتاب التي كتبها نجله قيصرون، أديبٌ وشاعرٌ سوريٌّ، ولدَ يومَ الأحدِ 11/05/1922، وتلقّى تعليمَه في مدارسِ وزارةِ التعليم في سورية، لكن مَخَايلَ نُبُوغِهِ بدأتْ وهو في المرحلةِ الابتدائيةِ، إذْ كانَ يُصدرُ مجلاتٍ أسبوعيةً دوريةً؛ يسْطرُها بجميلِ خَطِّهِ، ويُؤلِّفُ مَوادَّها وفقرَاتِها بنفسهِ، ويُزَيِّنُها بِرُسومِ رِيشَتِهِ، بعدَ أنْ يملأَ صفحَاتِها بِمِدادِ قلَمِهِ ويصوغُ فيها غَنِيَّ فِكْرِهِ. منها مجلةُ "الينبوع" التي أصدَرَها وهوُ طالبٌ في الصَفِّ الخامسِ الابتدائي!
كانَ، رحمهُ اللهُ، أديبًا شاعرًا مُتعددَ المواهبِ، موسيقيٌ ورسامٌ وخطاطٌ، ومسرحيٌّ وقاصٌ، تُغَلِّفُ قصائِدَهُ نَزْعَةٌ فلسفيةٌ، فضلًا عنْ قوةِ التصويرِ والغوصِ في أعماقِ النفسِ البشريةِ، مما يَدِلُّ على سعةِ اطلاعهِ وعمقِ ثقافتِهِ. مطبوعٌ مرهفُ الحِسِّ، أُوتِيَ معَ مَوهِبَتِهِ الشِعْريةِ ريشةَ فنانٍ ذي باعٍ في رسمِ ما يجولُ في خيالِهِ، ووترَ عودٍ ترتاحُ إليهِ نفسُهُ، وتطربُ لهُ نفوسُ سامِعيهِ.