دعم حراك الجنوب...ودقة التوقيت ؟؟؟
حسان الرواد
كثر الحديث وزاد التركيز في الأيام الماضية إعلاميا وشعبيا على حراك الجنوب ممثلا بمحافظات الكرك والطفيلة ومعان ولواء ذيبان, وتعالت الأصوات وكثرت التصريحات التي تحث على دعمه في البيانات, وربما مسيرات تدعم مسيرات...؟ وسلّطت وسائل الإعلام الضوء عليه بشكل واضح, بل وزاد الأمر في هذه المرحلة من خلال الحديث عن التهميش الذي تعيشه محافظات الجنوب خاصة في مجال التنمية والتباكي عليها بدموع مصطنعة لدغدغة العواطف وتحريك المشاعر, وبات للجنوب جُمَع تصاعدية لا أدري إلى أين ستنتهي حتى خُيل للمرء أن هذا الحراك مستقل عن الحراك الوطني...
إن الحديث والتركيز من جانب وسائل الإعلام على حراك الجنوب وكأنه حراك مستقل عن الحراك الوطني في هذا الوقت بالذات لهو خطأ فادح مقصودا كان أم غير مقصود, وأي محاولة لفصل هذا الحراك عن الحراك الوطني الشامل هو بالتأكيد يدفعنا لطرح الكثير من التساؤلات غير البريئة عن هذا الاهتمام المفاجئ والتوقيت الدقيق في هذا الظرف الحساس الذي يعيشه الأردن بسبب صراع القوى وتصفية الحسابات الذي بات ظاهرا ومعلوما لكل الأردنيين...؟؟
نعم الجنوب مهمش بالتأكيد وهو أمر قديم لا جديد وقد دفع هذا التهميش والإهمال أكثر من نصف سكان محافظات معان والطفيلة والكرك للهجرة إلى عمان والزرقاء والمفرق وبعض مناطق الشمال بحثا عن التنمية المفقودة وطلبا للحياة الكريمة, فيكفي أن تعرف أن هنالك أحياء كاملة في عمان والمفرق والزرقاء تحمل أسماء مدن الجنوب...كحي الطفايلة وحي المعانية يعيش فيها عشرات الآلاف منهم, فباتت مدن الجنوب التي تحتوي على معظم خيرات الأردن الطبيعية والسياحية والمائية باتت مدننا طاردة للسكان وجيوبا للفقر والحرمان والبؤس وبيئات مناسبة لتجارة المخدرات, وأحيانا استخدام السلاح للقتل تنافسا على فرص العمل الضئيلة, كل ذلك بفضل هذا التهميش المتعمد والمقصود والمتواصل من الحكومات المتعاقبة...
إن الجنوب هو جزء أصيل لا يتجزأ من الأردن الوطن, يحمل همومه من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه, وشعاراته كانت دائما وستبقى شعارات وطنية لا يختلف عليها اثنان, وما هذا الحراك إلا جزء من حراك الوطن الذي يجب أن يكون.. وأي محاولة لفصله عن حراك الوطن أو استغلاله كورقة في صراع المصالح والنفوذ غير مقبول وهو طعن للوطن في زمن كثرت فيه خناجر الغدر المسمومة لإضعافه والوصول به لمرحلة الضياع لا قدر الله.
نعم, تحتاج خطط التنمية في مدن الجنوب وتوزيع الثروات إلى إعادة النظر فيها بشكل جذري وسريع وعادل, لكن ليس الآن والأردن اليوم على مفترق طرق ضبابية وأخطار تتهدده من الداخل والخارج بسبب صراع قوى الفساد والنفوذ, و قوى التوطين وحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن ممن تحركهم أجندات سفارات الدول الكبرى و(إسرائيل)...
إن التعمد في تشتيت جهود الإصلاح, وغياب الرؤيا الواحدة, وكثرة الرايات وتناقض الشعارات, واختلاف المطالب, وتحييد فئات كبيرة من المجتمع الأردني لنفسها عن هذا الحراك منتظرة ما تسفر عنه هذه التحركات, هو ما يؤخر ويعطل عملية الإصلاح ويفتح المجال أمام الحكومة أو القوى المنافسة لها لخلط الأوراق وصناعة الأزمات..
فاليوم تقع مسؤولية كبيرة على الأردنيين جميعا بشكل عام, وعلى السياسيين والمثقفين والكتاب وأهل العلم والفكر منهم بشكل خاص تتطلب نشر الحقائق والبعد عن التدليس والتكاتف والتلاحم وتنسيق الجهود وتوحيد الشعارات, فالمطالب المشروعة هي أردنية, لا شمالية ولا جنوبية, والوطن واحد و الهم واحد والمصير مشترك, والقيادة التي ارتضيناها هاشمية ممثلة بجلالة الملك عبد الله الثاني أيده الله ببطانة صالحة ناصحة صادقة والإصلاح عندما يتحقق فسيقطف الجميع ثماره بدون استثناء وبعد أن نحظى بحكومة وطنية تنال رضا الشعب وتحقق الإصلاح الشامل, عندها إن استمر تهميش الجنوب فسنرفع شعارا واحدا وهو...إما أن تأتي التنمية إلينا...أو أن نأتي إليكم فننصب خيمنا في ربوع قصور عمان الغربية حتى يقضي الله بيننا أمرا كان مفعولا...
rawwad2010@yahoo.com