زاد الاردن الاخباري -
قال وزير المالية محمد العسعس إن الأزمة الأخيرة الروسية الأوكرانية جاءت لتعمق تعقيدات المشهد الاقتصادي ودرجة عدم اليقين وآفاق النمو الاقتصادي العالمي.
وأضاف العسعس في معرض رده على مناقشات أعضاء مجلس الأعيان حول مشروع قانوني الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2022 وموازنة الوحدات الحكومية عن السنة ذاتها، إن مخصصات المشاريع الرأسمالية المنبثقة عن برنامج أولويات الحكومة للعام 2022 بلغت نحو 274 مليون دينار أو ما نسبته 18 بالمائة من إجمالي النفقات الرأسمالية، وان الحكومة تؤكد على قيامها في موازنة 2022 برفع الانفاق الرأسمالي بنسبة بلغت 43.6 % ولأول مرة منذ سنوات.
وقال: “هنا تؤكد الحكومة بان الآلية المعتمدة لبناء المؤشرات الاقتصادية تتوافق مع المعايير المحاسبية المعتمدة عالميا في اعداد الموازنات وتحديد المؤشرات المالية المرتبطة بالعجز والدين العام ونسبة النمو بالإنفاق الرأسمالي والجاري، حيث قامت الحكومة بتوجيه الزيادة في الانفاق الرأسمالي لدعم التشغيل من خلال رصد مبلغ 80 مليون دينار لبرنامج التشغيل الوطني، ورفع مخصصات تحفيز وتنشيط السياحة على نحو غير مسبوق بنحو 50 مليون دينار”.
وزاد: “رصد مبلغ 20 مليون دينار لبرنامج استدامة للحفاظ على الوظائف، ومبلغ 27 مليون دينار بدل تخفيض التعرفة الكهربائية على الصناعات الصغيرة والمتوسطة، ومبلغ 30 مليون دينار لبرنامج دعم وتطوير الصناعة، وتمويل استراتيجية الزراعة التي أقرتها الحكومة مؤخرا، ورفع المخصصات المالية لقطاع الزراعية بنسبة 17 %، وتوفير مخصصات الحماية اللازمة”.
وقال: “جاء إعداد موازنة عام 2022 في ظروف اقتصادية متباينة وغير مستقرة على النطاق الدولي، ولم يكن الأردن بأي حال في معزل عن هذه الظروف القاسية، حيث بذلت الحكومة جهدها للمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي والحيلولة دون تراجعه، والابتعاد به عن مزالق الانكماش الاقتصادي وتداعياته لسنواتٍ قادمةٍ”.
وتابع العسعس: “لقد كانت التبعات الاقتصادية للجائحة أشد على الاقتصادات التي تعاني من اختلالات وتشوهات مالية مزمنة، ففي حين شهدت العديد من الدول النامية تعافيا تدريجيا وبوتيرة أقل مما تشهده الدول المتقدمة، فإن غالبية الدول النامية منخفضة الدخل ما زالت تعاني من ظروف اقتصادية صعبة عمقتها الجائحة. ومن جهة أخرى تشهد العديد من دول العالم المتقدم نموا اقتصاديا وبمستويات متفاوتة”.
وأضاف: “وهناك توقع لقيام الفيدرالي الأميركي برفع مستويات الفائدة ولعدة مرات خلال عام 2022 مما سيؤثر سلبا على مستوى التعافي في العالم، الامر الذي سيشكل تحديا إضافيا على الأردن”.
وقال إن “من واجب الحكومة عمل ما يلزم لتحويل الطموحات المشروعة لمواطنينا إلى مستوى معيشي أفضل ومستقبل مشرق لابنائهم رغم كل التحديات، وإن تحقيق ما نسعى إليه من الأهداف المستحقة والمشروعة لمواطنينا وتعزيز قدرتنا على الاصلاح الاقتصادي يأتي من أخذ خطوة بالاتجاه الصحيح الذي يطمح له المواطنون لتقويم أسباب ضعف التنافسية وخلق الوظائف، وليس من خلال اختلاق سيناريوهات مغرضة ومرعبة وغير واقعية لمستقبل الاقتصاد الأردني”.
واضاف: “لا يمكن انكار وجود اختلالات هيكلية عميقة كانت لها تداعيات عديدة على الاقتصاد الوطني، أكثرها إيلاما هو ارتفاع معدل البطالة الذي ما يزال يراوح عند مستوى 23.2 % في الربع الثالث من عام 2021، إلا انه في الوقت ذاته لا يجوز التغاضي عن المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي تحققت بسبب الإجراءات والسياسات والبرامج التي تبنتها الحكومة خلال العام الماضي”.
وزاد: “فالحقائق والبيانات تشير إلى انه على الرغم من الصدمات الهائلة التي تعرض لها اقتصادنا الوطني، فقد تمكنت الحكومة من تقليص حجم الانكماش عام 2020 مقارنة بباقي الدول، كما تمكنت من تحقيق معدلات نمو مقبولة نسبيا في عام 2021 في ظل الظروف الحالية التي أرهقت أعتى اقتصادات دول العالم”.
وأضاف: “كما أشارت الحقائق والبيانات التي تضمنتها تقارير المؤسسات الدولية المختصة إلى ثقة هذه المؤسسات بالاقتصاد الاردني والنظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد، مما يؤكد على استقرار وصلابة الاقتصاد وقدرته على التعامل مع التحديات الكبيرة التي يواجهها، والثقة بالإجراءات الحكومية المتعلقة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية والوفاء بالالتزامات الحكومية دون إبطاء أو تأخير، وعلى نحو ينسجم بشكل كامل مع طروحات الإصلاح المالي والاقتصادي”.
وقال إن ذلك يأتي “في حين تراجعت الثقة في اقتصادات العديد من دول الإقليم والعالم ولينعكس ذلك بتخفيض التصنيف الائتماني لتلك الدول، بينما حافظ التصنيف الإئتماني الأردني على موقعه رغم الجائحة التي عصفت بالاقتصاد العالمي، بل وقامت وكالة Fitch للتصنيف الائتماني برفع النظرة المستقبلية للأردن من سلبي إلى مستقر، وحافظت وكالتا موديز وS&P على التصنيف الائتماني للاردن خلال وما بعد الجائحة”.
وقال إن “موازنة عام 2022 لم تتضمن فرض أي ضرائب أو رسومٍ جديدة أو رفع أي من الرسوم والضرائب الحالية، كما تبين موازنة عام 2022 عن زيادة مساهمة ضريبة الدخل العادلة في الحصيلة الضريبية كإجراء تصحيحي هيكلي في الحصيلة الضريبية من الضرائب المباشرة والضرائب غير المباشرة”.
وأضاف: “أكدت البيانات الصادرة مؤخرا على ارتفاع مساهمة الضرائب المباشرة في الحصيلة الضريبية خلال شهر كانون الثاني (يناير) لعام 2022 إلى نحو 36 % من إجمالي حصيلة الإيرادات الضريبية مقابل 30 % من الشهر نفسه لعام 2021، كما تشير البيانات إلى تراجع خدمة الدين العام في موازنة عام 2022 ولأول مرةٍ منذ سنوات، وإلى نجاح الحكومة في توفير عدة بدائل تمويلية وبكلف أقل، واستبدال القروض التجارية بقروضٍ ميسرة”.
وقال: “تجدر الإشارة بأن كامل بيانات الدين العام منشورة بالكامل بكل شفافية ودقة، كما هي مدرجة في الجداولين رقم (5 و 6) من موازنة التمويل في مشروع قانون الموازنة العامة”.
وواصل العسعس قائلا إن “الحكومة تتفق تماما مع تقرير اللجنة المالية والاقتصادية حول أهمية وضع خططٍ اقتصادية متكاملة للتعافي الاقتصادي للأعوام الخمسة القادمة للاستجابة لحجم التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد، متضمنا برامج وخطط منطقية وواقعية قابلة للتطبيق والقياس والمراجعة”.
وتابع أن “توجهات الحكومة ورؤيتها المستقبلية متوسطة وطويلة المدى ترتكز إلى أنه لا بد من التعامل مع واقع الاقتصاد الأردني من خلال رؤيةٍ واضحةٍ وموضوعيةٍ، مفادها أن نموذجنا الوطني لا بد أن يكون واقعيا وبعيدا عن الأوهام والأمنيات، يهدف إلى توفير المستوى المعيشي الكريم لمواطنيه ضمن مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص، ويرتكز إلى المزايا التي يتمتع بها وفي مقدمتها الموارد البشرية المتميزة، إضافة الى تمكين القطاع الخاص لدفع مسيرة النمو الإاقتصادي”.
كما يتطلب ذلك، وفق العسعس “توفير بيئة استثمارية تسمح لمؤسسات وشركات القطاع الخاص من العمل بكفاءة وفاعلية لتطوير أداء اقتصادنا الوطني وبحيث تسهم في خلق فرص عملٍ للأردنيين وبشكل ينعكس إيجابا على معدلات البطالة”.
وقال ان الحكومة “ستعطي الأولوية والاهتمام للشراكة مع القطاع الخاص، خاصة في المشاريع الكبرى ذات الأهمية الكبيرة، كما ستقوم الحكومة في عام 2022 بالبدء ببعض مشاريع البنية التحتية، وأبرزها إطلاق مشروعي تحلية ونقل المياه (الناقل الوطني) ومشروع شبكة سكة الحديد الوطنية (المرحلة الأولى)”.
وتجدر الاشارة الى ان اللجنة العليا للشراكة بين القطاعين العام والخاص وافقت على السير بإجراءات طرح عطاءين لمشروع تطوير وبناء 15 مدرسة لوزارة التربية والتعليم، ومشروع إنشاء المباني وساحات الشحن والركاب للمعبر الحدودي البري الجديد لجسر الملك حسين، المدرجين في برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي 2021 – 2023.
وقال “تضمنت هذه الموازنة رصد مخصصات مالية لمشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يفضي إلى تعزيز الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص، والتأكيد على الشراكة الاستراتيجية في عملية التنمية”.
وأضاف أن “الحكومة تؤكد أن جميع التوصيات الواردة في تقرير اللجنة المالية والاقتصادية، وملاحظات وتوصيات الأعيان ستحظى باهتمام وتقدير الحكومة، وستبذل كل ما في وسعها لتنفيذ ما أمكن منها، وستبقى الحكومة على تواصلٍ مع مجلسكم الكريم، تجسيدا للشراكة الكاملة، ولتحقيق المصلحة العامة، ومواجهة التحديات بكافة أشكالها”. وزاد: “ستقوم الحكومة بمخاطبة جميع الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية المعنية بالتوصيات الواردة في التقرير ليصار إلى إعداد تقرير شامل ومفصل حول ما سيتم اتخاذه من إجراءاتٍ تجاه هذه التوصيات وتزويد مجلسكم الموقر واللجنة المالية والاقتصادية بنسخة من هذا التقرير”.