زاد الاردن الاخباري -
لعبت وثائق ملكية اردنية وعثمانية دورا محوريا في منع طرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة، وفق ما اكده محامون غداة قرار المحكمة العليا الاسرائيلية تجميد عمليات اخلاء هذه العائلات.
والثلاثاء، قَبِلت المحكمة جزئيا استئناف أربع عائلات في حي الشيخ جراح ضد قرار السلطات الإسرائيلية اخلاءها من منازلها لصالح جمعيات استيطانية يهودية.
وفي مؤتمر صحفي عقدوه في حي الشيخ جراح، وصف محامو العائلات الفلسطينية القرار بأنه "غير مسبوق"، وشددوا على أنهم مستمرون في جهودهم، لحين إثبات ملكيتهم للأرض المقامة عليها منازل عشرات العائلات الاخرى في الحي.
وقال المحامي حسني أبو حسين انه "لأول مرة يصدر قرار بهذه الطريقة بهذا الموضوع".
وأضاف "منذ 1976 بدأت ملاحقة أهالي الشيخ جراح وخلال هذه الفترة وحتى اليوم، أي ما يقارب 50 عاما للأسف الشديد فان المحاكم الإسرائيلية لم تكن مستعدة للاستماع إلى أي ادعاء قانوني، من الممكن أن يُنصف أهل الشيخ جراح".
واكد انه "بسبب الحراك الإعلامي، والضغط السياسي، لأول مرة تقوم المحكمة بدراسة الملف كما يجب".
وقال أبو حسين:" منذ متابعتي للملف في العام 1994 وحتى اليوم، لم تكن أي محكمة على استعداد للنظر في الوثائق الموجودة أمامها، وفقط أخيرا قامت المحكمة العليا بدراسة الوثائق".
وأشار إلى أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلية نص على "إلغاء، وليس تجميد، كل أوامر الإخلاء التي صدرت بخصوص الأربع العائلات" وهي: الكُرد وإسكافي والجاعوني وأبو حسنة..
واعرب عن اعتقاده ان "القرار سوف يسري على باقي العائلات، بما فيها القضايا المطروحة أمام المحكمة، ولا يمكن اليوم إخلاء ناس من الشيخ جراح خارج منازلهم".
وثائق يهودية "مزورة"
ويتهدد الاخلاء 28 عائلة فلسطينية تقيم في الحي منذ حقبة الخمسينيات من القرن الماضي.
وقال أبو حسين: "وصلنا إلى هذه النقطة، بعد ان حصلنا على وثائق من الأرشيف العثماني، تنص على أن الوثائق المقدمة من الشركات (اليهودية) الاستيطانية، ومن يدعون ملكية الأرض، هي وثائق مزورة".
وأضاف: "وقد أحضرنا أيضا وثائق من المحكمة الشرعية، وأهم وثائق بهذا الموضوع وصلتنا قبل 9 شهور من الأردن، وقد قدمناها إلى المحكمة، وقبلتها".
واوضح "تقول (الوثائق) إن الحكومة الأردنية التي كانت صاحبة السيادة سلّمت أهالي الشيخ جراح هذه الأرض، وأقام السكان الشقق السكنية عليها، حيث قالت الحكومة الأردنية إنه لم يتسنى لها تسجيل الأرض باسم السكان، بسبب نشوب حرب 1967"
وأشار أبو حسين إلى أن المحكمة قررت تجميد موضوع "الملكية" حتى يُبت فيها، حسب ما يسمى "قانون تسوية الأراضي".
وقال: "وفي هذه الحالة، يَشرع وزير العدل (الإسرائيلي) بأعمال التسوية، وكل من يدعي أن له الحق في هذه الأرض، يتقدم بطلب إلى مدير التسوية، وإذا ما كانت هناك دعوات متضاربة بشأن النقل، يُنقل هذا الملف إلى المحكمة المركزية (الإسرائيلية) التي تُقرر من هو مالك الأرض".
وأضاف: "من وجهة نظري، مالك هذه الأرض يجب أن يكون فقط أهالي الشيخ جراح".
ولفت إلى أن قرار المحكمة تضمن أيضا أن "على كل عائلة من العائلات أن تودع 2400 شيكل سنويا، عن كل عائلة".
وقال: "هذه الأموال لا تُسلم ولا تُنقل إلى الشركة الاستيطانية، وإنما تُودع في حساب سوف يفتح باسم محامي أهالي الشيخ جراح ومحامي الشركة الاستيطانية، حتى يُقرر مأمور التسوية أو المحكمة ذات الاختصاص، من هو المالك".
واضاف انه اذا ما تقرر أن المالك هي الشركة الاستيطانية، تُنقل المبالغ المتراكمة لها، وإذا ما تقرر أن أهالي الشيخ جراح هم المالكين، فإن المبلغ المتراكم يعاد لهم.
قرار يجب ما قبله
ومن جانبه، قال المحامي سامي إرشيد إن المحكمة العليا قررت وللمرة الأولى أن كل ما تم إصداره بالسابق من قرارات، بهذا الخصوص "لا يُلزم الأطراف"، ويجب فتح ملف ملف الملكية من جديد.
وأضاف "الأمر الثاني الذي أجمع عليه القضاة، هو أنه طالما أن موضوع الملكية هو موضوع خلاف، وهناك ادعاء لدى سكان الشيخ جراح بخصوص ملكيتهم، فمن الممكن أن يُثبتوا ملكيتهم لو فتح لهم الباب لذلك، وفي هذه الظروف لا يمكن إخلاء من يدّعي ملكيته للأرض، وهذا تغيير جوهري في كل القرارات السابقة، بخصوص قضية الشيخ جراح".
وأعلن نبيل الكرد، أحد سكان الحي أن جهود السكان، مستمرة لحين إقرار أحقيتهم بمنازلهم بشكل نهائي.
وقال الكرد في المؤتمر: "مسيرتنا مستمرة، فالموقف الذي أخذناه من المحكمة، لا يعني أن نتوقف عن العمل لتثبيت أنفسنا في البيوت، فعملُنا ما زال مستمرا، حتى نأخذ الملكية الكاملة بهذه البيوت".
وأضاف: "نسأل الله أن نتمكن في نهاية الأمر من أخذ ملكيات البيوت، وتبقى العائلات في منازلها، وحتى العائلات التي أُخرجت في العام 2008 و2009، أن نتمكن من العودة".
وقال المحامي أبو حسين: "تم اخلاء عائلات الغاوي وحنون والكرد، في العام 2009، هذه القضية ما زالت أمام المحكمة، وفي اللحظة التي نحصل فيها على قرار أن ملكية الأرض لا تتبع الشركة الاستيطانية، سوف نجدد هذا الأمر، ومباشرة ستعود العائلات إلى بيوتها".
واضاف إن قرار المحكمة يعني أن الجهود الفلسطينية منعت "إقامة مستوطنة يهودية في حي الشيخ جراح"، لافتا الى انه "لا يمكن اليوم المطالبة بإخلاء السكان، طالما لم يتقرر من هو المالك، ومن المؤكد أن الأرض هي لأصحابها، سكان الشيخ جراح".
وكانت محاكم إسرائيلية قضت في السابق بإخلاء عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح. وأدى قرار إخلاء عائلات من منازلها في مايو/أيار الماضي إلى تفجّر مواجهات امتدت إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني.
وتقيم العائلات في منازلها منذ العام 1956، بموجب اتفاق مع الحكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". لكنّ جماعات استيطانية إسرائيلية، تطالب العائلات بإخلاء المنازل، بدعوى أنها أقيمت على أراضٍ كان يملكها "يهود" قبل عام 1948.