عيـــن الحكـــومــة خضــرا:
قبل أيام قليلة شهدت نقاشاً حاداً بين أفراد أسرة أردنية مهتمة بألوان العيون واحتد الجدال فيما بين أفرادها حول أجمل العيون.
قال أحدهم أجمل العيون وأروعها هي العيون الخضراء لأن فيها سحر وجاذبية لا تدركها كل العيون وخالفه آخر قائلاً بل الزرقاء والأزرق لون البحر والسماء الصافية ، وانتصر ثالث للاسود بزعمه انه لون الليل والسهر والاحلام السعيدة ، أما الرابع فقد خالف الجميع وأصر على تفضيل اللون العسلي باعتباره لون الأغلبية العربية والعسل فيه شفاء للناس . ولم ينتصر أحدا إلى اللون الاحمر وانما تذمر منه الجميع وقالوا فيه مالم يقل مالك في الخمرة.
وعندما سألتهم عن عين الحكومة أتفق الجميع على انه لون أخضر فأدهشني الجواب وسألت لماذا ؟
قال أحدهم إن عين الحكومة بالاصل حمراء لامعة وتقدح شرراً في بعض الاحيان وإذا رمقت أحدهم بنظرة أفزعته وكّدرت ليله ونهاره ، ولكنها لبست عدسة خضراء للتمويه والخداع من باب التقليد والموضة كما تفعل بعض السيدات للتظاهر بالجمال المطلق والنعومة الفائقة.
ورد عليه آخر غاضباً وقال هذا غير صحيح لأن الحكومة لا تقلد النساء وإنما تقلد الرجال حتى وإن ظننتها سيدة لأنها حنونة على البعض دون البعض الآخر ، ولون عينها دائماً وأبداً أخضر لأنها نشأت وترعرعت في جبل عجلون واكتسبت أجمل ألوانه.
وانبرى ثالث لمخالفة الجميع قائلاً ليست المسألة قضية رجولة أو أنوثة ولا علاقة للحكومة بألوان جبل عجلون وهي لم تنشأ فيه ولا تعرفه ، وقد سمعت فيه بالصدفة من بعض المصطافين والراغبين بشراء العنب الطازج اللذيذ المعروض بالصيف على طرقاته، وهي دائماً تستجم في سويسرا وليس عجلون ولا غيرها من الأرياف والبوادي ، ولو خرجت من العاصمة المترفة السعيدة وزارت إحدى المحافظات مرة لسمعت بقصص عائلات لاتملك من حطام الدنيا سوى طنجرة الومنيوم وإبريق شاي ومكنسة قش تدل على بؤس الحال.
هذه الحكومة لو تدري عن حال الناس ياسيدي ، لوضعت حدا للمغالاة الفاحشة في رواتب القطاع الخاص والشركات المخصخصة التي تستفز كل الفقراء حيث يقال أن بعض الرواتب يصل معدلها الشهري أكثر من أربعون ألف دينار،أي أنه يعادل مجموع رواتب ابناء البادية الشماليه او الوسطى او الجنوبية والعياذ بالله ، أو لعلها سنت تشريعا يرغم البنوك والمصانع وسائر الشركات على استخدام ابناء الريف والبادية وأرغمتها ، على تطوير كفاءاتهم وإكسابهم مهارات جديدة لأجل المصلحة الوطنية العليا بدلا عن العادة المتبعة في اقتصار استخدامهم على مهام حراسة البوابات وقيادة سيارات المدراء وأداء التحية للزائرين ، وهي لاتليق بأنفتهم وعنفوانهم المعهود ، ولاتسمن ولا تغني من جوع وصحيح أن عينها الاصلية حمراء الآ أنها وضعت عدسة لاصقة لأجل إرضاء الشعب الذي يحب اللون الأخضر بدليل أن بعضهم يسمي بنت الدلال خضرا.
أنا من جانبي صدقت الرأي الاخير بدليل ماسمعته مؤخراً بأن الحكومة سوف تستغني نهائياً عن العدسات اللاصقة وتعود إلى طبيعتها الاولى حيث تظهر مجددا بعينها الحمراء المعهودة لأجل إسكات الجميع سيما وأن الشرق الأوسط الجديد قادم لامحالة وقد يحتاج الأمر الى عيون زرقاء اليمامة ، لأجل إبصار طبيعة و حجم التغيرات القادمة في المنطقة بعد الإنهيار الوشيك لبعض الأنظمة المجاورة ، ونحن غارقين في الجدل حول مدى صحة المزاعم القائلة بعودة شاهين المرتقبة الى بيت خالته أم أنه لن يعود.
almomanilawyers@hotmail.com