قبل سنوات في واحدة من الجامعات وضعت الجهة المسؤولة عن مراقبة الدوام ساعتين مخصصتين لختم كرتات الموظفين في الصباح، من أجل تجنب الازدحام خلال الدخول والخروج من مكان العمل. لحد الان، فالموضوع عادي تماما، ويحصل في أحسن الجامعات.
الذي حدث عند ساعات توقيت الدوام في الجامعة غير المذكورة أعلاه، أن الساعة الأولى كانت تؤخر 10 دقائق، بينما تقدم الساعة الثانية 10 دقائق، ولكم أن تتخيلوا ما يحصل، حيث يتجمع الموظفون المتأخرون عند الساعة المؤخرة في الصباح ويختمون كرتاتهم منها، فيبدون وكأنهم جاؤوا على الوقت، أو أبكر قليلا. أما في نهاية الدوام ،فيجتمع الموظفون ويزاحمون بعضهم عند الساعة المتقدمة ، حتى يخرجوا بوقت أبكر من الدوام.
المضحك أن مسؤول الدوام يرى ما يحصل يوميا ، فيقول لهم كل صباح وكل مساء:
- يا جماعة ليش ما تتوزعوا ع الساعات؟؟ ..حطينالكوا ساعتين حتى ما يصير ازدحام ...انتو فعلا ناس غريبين.
بالطبع، ليس من مصلحة أي موظف أن يخبر مراقب الدوام عن سبب الزحام، وليس هذا دوره اصلا، لكن صاحبنا مراقب الدوام، لا يكلف نفسه عناء البحث عن السبب، أو يحاول تدقيق التوقيت في ساعات الدوام.
هذا الرجل – مراقب الدوام – يمثل حالة مؤسفة في الإدارة الشكلية، وكان يمكن أن يكون مجرد فقاعة محدودة الضرر والضرار، لو لم يتناسل في جميع مفاصل الدول. وهو الذي يحدد الدوام ويحاسب المتأخر والخارج عن الإطار العام.
ولك أن تتخيل ما يحصل عندما يتقاعس هذا الرجل عن القيام بدوره، فيكثر التسيب الإداري وتشتغل المحسوبيات، ويتنامى الفساد والإفساد.
الإنحراف الصغير مع التكرار وطول المسيرة، يتحول الى انحراف كبير لا نتخيل حجمه ولا حجم ما يؤدى إلى انحرافات كبرى في السياسة والاقتصاد والمسيرة العامة للدولة والمجتمع. في وقت نحتاج فيه العمل على أنفسنا 40 ساعة في اليوم الواحد، حتى نلحق ركب الحضارة والتقدم.
ولا ننسى تأثير الصدام بين موجتين: موجة تريد التأخير وموجة تنوي التسريع، والأمر مرتبط بالكسل وبالمصالح الشخصية وبالرغبات الذاتية، أكثر مما هو مرتبط بالمصلحة العليا للوطن، بينما المراقب ينظر بتعجب واندهاش ويتساءل علنا وجهارا، لماذا يتجمع الموظفون على ساعة واحدة في الصباح وساعة واحدة في المساء.
مراقب الدوام هذا تعبير حي عن الترهل الإداري الذي قد يؤدي بنا إلى مستنقع الفشل، وعلاجه سهل جدا، وهو تزبيط توقيت الساعات، وتوظيف مراقب دوام جيد ونشيط وذكي، مكان هذا المترهل.الغبي.
إذا لم نفعل ذلك سريعا ... أقول لكم:
تلوحي يا دالية.