بعيدا عن الخطابات والكلمات والخطط التي بتنا نحفظ تفاصيلها، علينا ونحن نشارك العالم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة أو اليوم الدولي للمرأة الذي يحمل هذا العام شعار «المساواة المبنية على النوع الاجتماعي اليوم من أجل غدٍ مستدام»، أن نضع واقع المرأة تحت مجهر القراءات الدقيقة والواقعية، لمعرفة حقيقة هذا الواقع وفيما إذا تحققت انجازات عملية مُعاشة أم أن واقع الحال ما يزال يراوح مكانه بالكثير من الجوانب.
وفق هذه الرؤية تحديدا، يمكن القول بأن الأردن قطع أشواطا في تحقيق الأفضل للمرأة، بكافة المجالات سياسيا واقتصاديا واداريا واجتماعيا، مؤطّرا ذلك بسياج تشريعي ينفرد بالكثير من الايجابيات على مستوى عربي وعالمي، ربما احدثها مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي وضعت للمرأة مساحات واسعة في المشهد الحزبي والانتخابي، اضافة لنصوص دستورية جعلتها أكثر قوّة.
أي قراءة لواقع المرأة محليا، تقودنا لنقطة مؤكدة تتمحور في اهتمام جلالة الملك لقضاياها، حيث أكد جلالته أمس خلال لقائه بسيدات أردنيات من مختلف المحافظات بحضور جلالة الملكة رانيا العبد الله، على الدور المهم للمرأة الأردنية في المجتمع سياسيا واقتصاديا وثقافيا وأهمية مشاركتها في جهود التطوير والتحديث التي تسير بها المملكة، هي رسالة ملكية غاية في الأهمية بمناسبة يوم المرأة العالمي، بحضور نسائي أردني مختلف ومميز في قطاعات مختلفة، وحثّ ملكي بأهمية مشاركتها في تفاصيل الاصلاح والتحديث الذي تنتهجه المملكة.
طالما كانت توجيهات جلالة الملك بشأن المرأة تؤكد على جعلها أساسا في المشهد الاصلاحي بكافة أبعاده، مع تأكيدات مباشرة أيضا من جلالته على أن «المرأة دورها مهم» في الاصلاح والتنمية، وجلالته الداعم لها، وبالحديث مع جلالته في هذا الشأن تصلك رسائل واضحة بهذا الدعم ووقوفه مع كل ما من شأنه دعم المرأة وتمكينها وتعزيز حضورها، وقد كان لي شرف هذا الأمر في لقاء جلالته مع مجموعة من القياديات النسائية في قصر الحسينية، إذ يبرز حرص جلالته على أن تسير المرأة في دربها لتكون شريكا عمليا في الاصلاح والانجاز والتنمية.
ما يمكن التأكيد عليه اليوم، أن الأردنيات نموذج يحتذى في حجم الانجاز، وفي الدعم الذي يحصلن عليه بارادة سياسية عليا، بقيادة جلالة الملك فهي الأردنية التي لم تترك مجالا إلاّ وحققت به انجازات تؤرّخ، فيما حقق الأردن قفزات كبيرة في انصاف المرأة وجعلها في مقدمة التحديث والاصلاح، كما أكد جلالة الملك أمس على دورها الهام في هذا المجال، فهو واقع متقدّم للمرأة الأردنية التي لم تتراجع يوما عن تحمّل أي مسؤولية سواء كانت أمّا في منزلها تدفع بابنها للدفاع عن ثرى الوطن، وتستقبله شهيدا بفرحة النصر، أو زوجة أو موظفة بأي قطاع لم تعجز عن خوضها كلها، أو قيادية تسيّر وزارات ومؤسسات بعِلم وانجاز أو في السلك العسكري والأمني والقضائي، وغيرها من الأعمال والقطاعات، محققة انجازات ضخمة، فهي الأردنية النشمية التي باتت نموذجا يحتذى بحرفيّة المعنى.
كما لم تغب المرأة الأردنية عن المشهد السياسي الانساني، فكانت النصير للأم الفلسطينية، والمساند لها والداعم لنضالها، بقيادة هاشمية جعلت من القضية الفلسطينية قضية مركزية، فكانت الأردنيات يقدمن الغالي والنفيس وحتى أرواح واجساد أبنائهن فداء لفلسطين وترابها، فكانت الأردنية حاضرة في القضية الفلسطينية، تشاركها فرحها وحزنها، في وقت أدار العالم ظهره لها، وغابت فلسطين والمرأة الفلسطينية عن أولوياته.