حوار بين شهيدتي حرمان
يبدو أن الحظ جانب اسم عبير في الأسابيع الماضية، فمن عبير الفلسطينية التي قضت غضبا نتيجة حرمانها من معانقة والدها الأسير في سجون الاحتلال الصهيوني، حيث أصيبت بصدمة عصبية أدت بها إلى الشلل، ومن ثم الموت إلى عبير الأردنية التي قضت نتيجة الإهمال والاستهتار اللذين أديا إلى استبدال أمها بأم أخرى عند ولادتها في مستشفى جرش الحكومي، فقضت وقلبها يقطر حزنا على حرمانها من أمها مرتين: الأولى عند استبدالها بأم غير أمها الحقيقية، والثانية عند مفارقتها لأمها التي أرضعتها وربتها مدة تسعة شهور، فأصيبت بالتهاب رئوي حاد نتيجة كثرة البكاء لمدة أسبوعين متواصلين، ثم قضت غير آسفة على حياة يسودها كل هذا الألم.
وعندما التقتا قالت عبير الفلسطينية: في البلاد المتحضرة تسنّ الحكومات الشرائع والقوانين لحماية الطفولة من كل انتهاك، أما في بلادي فإن الحاكم يتباكى على ما يصيب الأعداء، ويستنكر ما يلحقهم من أذى حتى لو كان من صاحب حق يدافع عن نفسه، لكننا لا نسمع له صوتا حول ما أصابني ويصيب الأسرى وعائلاتهم.
ردت عبير الأردنية قائلة: في البلاد المتحضرة تهرع مؤسسات المجتمع المدني في مجال الأسرة والطفولة لاسيما تلك المختصة بمثل حالتي لمساعدة الأسرة في التعامل مع هكذا صدمة، أما في بلادي فنجد عمل كثير من هذه المؤسسات استعراضيا للدعاية والإعلام، وتراهم يهرعون إلى المآدب ولا أحد يهرع لمساعدة أمثالي.
أطرقت عبير الفلسطينية وقالت في نفسها لعل عبير الأردنية لم تمت قهرا من حرمانها من أمها مرتين فحسب، ولكنها سمعت طرفا من قصص الفساد الكثيرة المنتشرة هذه الأيام من شاهين غيت إلى الكازينو إلى بيع أراضي الدولة إلى هم ّالمديونية التي تتحمل عبير ككل أطفال الأردن حصتهم منها وهم ما زالوا أجنة في بطون أمهاتهم.
وتابعت قائلة: أنا قد أفهم لماذا يُقتل الأطفال الفلسطينيون في وطني المغتصب من قبل اليهود لكني لا أفهم لماذا يقتل الأطفال، ويعذبون في البلاد العربية التي تنعم بالاستقلال، ولماذا تنتهك حقوق الطفولة بكل الأشكال البشعة من تغيير الأمهات في مستشفيات الولادة إلى القتل والتعذيب في ظل الثورات العربية؟!