زاد الاردن الاخباري -
طارق ديلواني - نتائج مثيرة وصادمة خلص إليها استطلاع رسمي للرأي بين المواطنين الأردنيين، يعكس حجم التحولات الكبيرة في المزاج العام في البلاد، بخاصة في ما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل.
وأظهرت نتائج استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، والذي يصنف بأنه مركز رسمي وحكومي، أن الأردنيين يبتعدون أكثر عن الشأن السياسي، عدا عن تأثرهم بتحولات جيوستراتيجية، فلم يعودوا يظهرون عدائية كبيرة تجاه إسرائيل كما في السابق.
وفي السنوات الأخيرة، احتلت القضية الفلسطينية موقعاً متراجعاً في درجة اهتمام الأردنيين بسبب أحداث "الربيع العربي"، وفقدت زخمها في وقت تراجع التضامن مع الحركات المقاومة، كما تقلّص حجم التظاهر قبالة السفارة الإسرائيلية في عمّان، في موازاة ارتفاع لافت لوتيرة التطبيع وتحسن كبير للعلاقات بين عمّان وتل أبيب.
ووصل الأمر إلى حد الدفاع عن العلاقة مع إسرائيل رسمياً، من منطلق مصلحة الدولة الأردنية بالإضافة إلى رفع السرية عن زيارات المسؤولين الإسرائيليين للأردن خلال الآونة الأخيرة، بعدما اتخذت العلاقة بين الطرفين مساراً جديداً وإيجابياً.
نتائج مفزعة ومحيرة
يصف مدير مركز الدراسات الاستراتيجية زيد عيادات، بعض نتائج الاستطلاع بأنها مفزعة، ومحيرة، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من الأردنيين غير مهتمين بالسياسة، وأن نحو 33 في المئة منهم فقط يتابعون أخبار السياسة الخارجية والسياسة بشكل عام، ما يعني أن نحو ثلثي الأردنيين غير معنيين بالعملية السياسة في الأردن، ولا بالشأن العام، وهو مؤشر خطير لا يتسق مع خطة تحديث المنظومة السياسية في البلاد، وإشراك الشباب تحديداً في الحياة العامة.
وفي ما يتعلق بالنتيجة التي تشير إلى أن 71 في المئة من الأردنيين لا يعرفون من هو وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني الحالي، يعلق عيادات بالقول، "في الاستطلاعات السابقة، كانت النتائج تظهر أن نحو 95 في المئة من الأردنيين لا يعرفون أسماء معظم الوزراء على الإطلاق".
السعودية الداعم الأكبر
وأظهر الاستطلاع أن نحو 40 في المئة من الأردنيين يعتقدون أن السعودية هي الدولة العربية الأكثر دعماً من ناحية اقتصادية للأردن، بينما كانت الولايات المتحدة الأميركية الدولة غير العربية الأكثر دعماً اقتصادياً للأردن، وصنفت المملكة العربية السعودية بأنها المفضلة عند غالبية الأردنيين لبناء وتقوية العلاقات الاقتصادية معها في المستقبل، تليها تركيا وقطر ومصر والعراق والإمارات وسوريا.
كما أظهرت نتائج الاستطلاع أن السعودية هي من أبرز حلفاء الأردن في الإقليم، كما أنها الدولة الأكثر مشاركة للأردن في المصالح السياسية الخارجية، تليها مصر والإمارات العربية المتحدة، بينما حلت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى كأبرز حلفاء الأردن في العالم، تليها بريطانيا، ووصف أكثر من ثلث الأردنيين موقف الأردن "بالمحايد" تجاه الحرب في اليمن، والاعتداءات الحوثية المتكررة على السعودية والإمارات والوضع في إيران.
وتدعم غالبية الأردنيين قيام عمان بدور فاعل في الأزمة السورية، بينما يشجعون دوراً ثانوياً للسياسة الأردنية الخارجية في اليمن والسودان.
الحفاظ على العلاقة مع إسرائيل
وكان لافتاً في نتائج الاستطلاع أن نحو 53 في المئة من الأردنيين يعتقدون أن مصلحة الأردن بالحفاظ على العلاقة مع إسرائيل، ووصف نصف الأردنيين تقريباً (العلاقات الأردنية - الإسرائيلية) في الآونة الأخيرة بالجيدة، وفي نتيجة غريبة قال 81 في المئة من الأردنيين إنهم يعارضون تطبيع العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل.
وبحسب الاستطلاع، يدعم 44 في المئة حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ويعتقد هؤلاء أن هذا الحل هو الأكثر واقعية، بينما يعتقد 13 في المئة أنه لن يكون هناك حل على الإطلاق للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.
حول العلاقات الأردنية - الأميركية، يعتقد معظم الأردنيين أنها جيدة في المرحلة الحالية، على الرغم من عدم رضاهم عن السياسة الأميركية تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي.
رسائل مشوشة
ويصف الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير نتائج الاستطلاع، بأنها غريبة ولافتة للانتباه، وقد لا تكون دقيقة، أو أنها ترتبط بطبيعة من تم استطلاع رأيهم فقط، وهذا ليس مؤشراً كافياً في كل الأحوال.
وفي ما يتعلق بالنتائج التي تتعلق بإسرائيل يقول أبو طير إنها مرفوضة ولا تمثل الأردنيين حقاً، والسبب في ذلك أن الاستطلاع يبعث رسالة مشوشة عن وجود تحولات في الرأي العام الأردني، كوصف العلاقة مع اسرائيل بالجيدة، على الرغم من الأخطار الاستراتيجية.
اما النتيجة الأخطر، وفقاً لأبو طير، فهي القول إن نصف الأردنيين لا يرون في إسرائيل عدواً، وهذا تحول خطير، على الرغم من أن الشعب الأردني معاد بطبيعته لإسرائيل، على مدى العقود الماضية، ويتساءل أبو طير عن طبيعة العينات، والأسماء، والاتجاهات، التي تم استطلاع رأيها، ومدى دقتها، لأنه لا يمكن أن يكون منسوب العداوة مع إسرائيل انخفض إلى هذه الدرجة المريعة مرة واحدة، ويضيف، "هل يعقل أن يرى 32 في المئة من الأردنيين فقط أن إسرائيل هي الأكثر تهديداً للأمن الوطني الأردني، هذه نتائج لا تمثل الأردنيين حقاً، أو أنها مسيسة وتصب في اتجاهات محددة".
"انديبنت عربية"