دول قليلة التي نظرت لجالياتها في أوكرانيا بعين الاهتمام الكبير، وسعت لأخذ اجراءات فورية بعدما اشتعل فتيل الحرب الأوكرانية الروسية للبدء باجلائهم وضمان عودتهم سالمين آمنين لأرض أوطانهم، وأعدّت خططا لهذه الغاية بشكل عملي وسريع، وبطبيعة الحال كان الأردن بقيادة جلالة الملك من أوائل هذه الدول إن لم يكن أولها.
وبطبيعة الحال لن نعود بذاكرتنا للخلف كثيرا، إذ ما تزال نقطة بدء هذه المعركة في ذاكرتنا القريبة، ومنذ بدء شرارتها الأولى، جاءت توجيهات جلالة الملك عبد الثاني بنقل الأردنيين وعائلاتهم من خلال طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، لتتشكّل خلية عمل حكومية بجميع المؤسسات المعنية، وبتحرّك فوري من وزارة الخارجية وشؤون المغتربين والسفارات الأردنية في الدول ذات العلاقة، ليبدأ العمل لاخلاء الاردنيين من أوكرانيا ودول الجوار، وفي هذه الجهود التي بذلت وما تزال تبذل بهذا الاطار، حالة من الانجاز الوطنية الأردنية لا يمكن تجاوزها بمرور سطحي فما تم القيام به بهذا الشأن ووسط ظروف أقل ما توصف به أنها مرعبة يتم القيام بهذه المهمة باقتدار وتفوّق، حتما جانب يجب أن يوضع تحت مجهر الاهتمام والتقدير.
مهمة اخلاء المواطنين لحمايتهم من الحرب في أوكرانيا، لا تتم كما تبدو للبعض بسهولة، وهدوء، هي مهمة خطيرة وحساسة، ودقيقة، والأهم انسانية، لا تمر بخط واحد إنما بخطوط يعمل على انجازها سفراء أردنيون نشامى وأعضاء سفارات أردنية نشامى، يتعاملون مع أبناء الجالية الأردنية وحتى أبناء الجالية الفلسطينية في حالات عديدة، بكل انسانية لضمان ايصالهم إلى أرض الوطن بأمن وسلام، متناسين «حالهم» بشكل كامل، ويكمل مهمتهم نشامى ونشميات وزارة الخارجية من عمان يواصلون الليل بالنهار لتتم المهمة على أكمل وجه من النجاح بل والتفوّق، منتزعين من جديد حضورا أردنيا هو الأهم اقليميا بهذا الجانب.
وهنا لا بد من التأكيد على أن السبب الرئيسي لنجاح الأردن بأن يكون حالة اقليمية وربما دولية في هذا المجال، هو الجيش العربي، إذ قدّمت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي/ قيادة سلاح الجو الملكي الأردني كل الإسناد والدعم لجهود وزارة الخارجية لإنجاح عمليات الاخلاء، فقد تمّ إرسال طائرات عسكرية بتوجيهات من جلالة الملك لإخلاء الأردنيين وعائلاتهم ممن قدموا من أوكرانيا، بكل اقتدار ونجاح وتميّز، ليسجّل الجيش العربي بصمة جديدة في نجاحاته وتفوّقه وعظمة رسالته التي طالما رافقتها لمسات الانسانية.
انجاز أردني بقيادة وتوجيهات جلالة الملك، لا يمكننا تجاوزه دون الوقوف على تفاصيله التي لم تكن سهلة، انجاز بحجم الجهود التي بذلت لتحقيقه، انجاز يسجّل لوطن طالما كان أيقونة نجاح وتميّز في كل الأحداث والقضايا، التي يشهدها العالم أو الإقليم.