زاد الاردن الاخباري -
عقد منتدى الفكر العربي، يوم الأربعاء الماضي لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه الوزير الأسبق د.عزت جرادات حول مضامين كتابه الذي صدر تحت عنوان "التربية وظيفة – مهنة – رسالة – مسيرة حياة تربوية"، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى د. محمد أبو حمّور، رئيس الوزراء الأسبق د.عبد الرؤوف الروابده، ورئيس الوزراء الأسبق وعضو المنتدى د.عدنان بدران، والوزير الأسبق الشريف فواز شرف، ووزيرة الثقافة السيدة هيفاء النجار، والوزير الأسبق وعضو المنتدى د.جواد العناني، والوزير الأسبق د.تيسير النعيمي، وأستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية وعضو المنتدى الدكتور علي محافظة، والسفير الأردنيّ الأسبق وعضو المنتدى السيد فالح الطويل، والمدير العام للأليكسو الدكتور محمد ولد أعمر من تونس، وحضر اللقاء نخبة من أعضاء منتدى الفكر العربي.
وأشار د.عزت جرادات إلى أن حجم الأمية في بداية تأسيس الدولة الأردنية كان كبيراً، إلا أن الأجيال السابقة أدركت حجم أهمية التعليم في العملية التنموية، وأن التعليم والتعلم أداة للحراك الاجتماعي في الانتقال نحو حياة أفضل.
وأوضح المُحاضِر د.عزت جرادات أن مضامين الكتاب تعنى بتطور الفكر التربوي في الأردن، وبالأحداث والفعاليات التربوية التي واكبت هذه العملية، مبيناً أن الكِتاب جاء نتاجاً لمسيرته الطويلة، وأدواره في العملية التربوية كمعلماً وإدارياً وقيادياً على المستوى الوطني والعربي والعالمي.
وبدورهم بَيّنَ المتداخلون أهمية دراسة وبيان تطور العملية التربوية والتعليمة في الأردن، وتغطية الجوانب التي تعنى بهذه العملية كافة، مؤكدين ضرورة العمل على تطوير هذا القطاع من خلال تحسين أوضاع العاملين فيه وتأهيلهم بما يتناسب مع متطلبات التكنولوجيا والثورة الصناعية الرابعة، ومشيرين إلى أهمية وجود كُتب ومراجع تتناول تطور ونمو القطاعات العامة في الأردن.
التفاصيل:
أوضح المُحاضِر د.عزت جرادات أن المدرسة في عقد الخمسينيات كانت أشبه ما تكون ببوتقة تفاعلت فيها مختلف الفئات المجتمعية الطلابية مع الأفكار الأيديولوجية والثقافية والسياسية، حيث الأحزاب الممتدة، والانتماء للثقافة العربية وقمَمِها أمثال طه حسين الأديب، والعقاد المفكر، وتوفيق الحكيم الفيلسوف؛ والإنفعال مع قضية الأمة متمثلة بمكافحة الاستعمار في الوطن العربي، والحنين إلى الوحدة العربية، تمهيداً لتحرير فلسطين، فالاتجاهات التربوية الأردنية كانت عروبية الصبغة.
وأشار د.عزت جرادات إلى دور اللجنة الملكية للتعليم التي شكلها المغفور له بإذن الله الملك الحسين، في مطلع الستينيات من القرن الماضي، وكانت هذه اللجنة برئاسة المرحوم المربي الأستاذ بشير الصباغ وعضوية الأساتذة: د.قدري طوقان، ود.موسى ناصر، ود.عبدالسلام المجالي، وعبدالرحمن بشناق، وكان من نواتجها المستقبلية عميقة الأثر تأسيس الجامعة الأردنية في عمّان، وإعادة صياغة النظام التعليمي، ووضع قانون التربية والتعليم لعام 1964.
وبَيّن د.جرادات أن النظام التعليمي الأردني تعرّض إلى أزمة ما بعد حرب 1967، بسبب نزوح ربع مليون طالب وطالبة إلى الضفة الشرقية من المملكة، مما استوجب اعتماد نظام التدريس على فترتيْن، صباحية ومسائية، لتوفير التعليم لهم، إلا أنه تأصّل وأصبح مشكلة مزمنة، مبيناً دور مؤتمر التطوير التربوي الذي عقد عام 1987، حيث كان هناك عملية تقييم ميداني، وإعداد وتخطيط، وإعادة صياغة للنظام التعليمي الأردني.
وأكد د.جرادات دور صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال في التطوير التربوي، مبيناً أنه خلال عقد التسعينيات عقدت وزارة التربية والتعليم مؤتمراً برعاية ومشاركة رئيس الوزراء آنذاك دولة د. عبدالرؤوف الروابده، بيَّن الإنجازات التي حققها قطاع التعليم في الأردن حينها، منها: تكريم مهنة التعليم بعلاوة وصلت إلى 50%، وبدء مشروع حوسبة التعليم والمراكز الريادية، وأندية المعلمين، وتأهيل المعلمين والقيادات التربوية وغيرها من الانجازات.
وبدوره قال د.عبد الرؤوف الروابده: إن العمل على تطوير العاملين في قطاع التعليم يأتي من كونهم الأداة التربوية الأولى وأساس العملية التربوية، ويكون ذلك من خلال جذب عناصر قادرة ومؤهلة للعمل في التعليم، وتحسين المكافأة المهنية، وتوفير الحوافز المادية والمعنوية، مشيراً إلى أن القطاع الخاص عمل على استقطاب المعلمين الأكفاء من القطاع التعليمي، وهو قطاع غير متوفر لكافة الطبقات في المجتمع، مما يعني وجود طبقية في التعليم التي تفضي إلى طبقية في القيادات الإدارية والسياسية داخل المجتمع.
وبدورها بينت وزيرة الثقافة السيدة هيفاء النجار أهمية وجود خطاب ثقافي عصري، والعمل على جمع الرؤى المشتركة لتعزز فكرة المواطنة التي نشأت في سياق المحلية التعددية الأردنية، والتنوع الذي تأسست عليه الدولة الأردنية، وأهمية النظر إلى كل ما يتصل بمشروع التطوير التربوي من منطلق الشمولية والتكاملية، وإيقاف عزلة المشروع الثقافي وتطويره عن التنمية السياسية والاقتصادية، وربطه بالعلم كأولوية أساسية، والتمسك بمفاهيم الاستدامة والمؤسسية.
وبَيّن د.أبو حمّور أن نظام التعليم يتغير بشكل كبير بسبب الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، الذي يؤدي إلى تغير طبيعة التدريس وتغير مسار التعليم وتعدد مصادره، موضحاً أن للأردن دور كبير في رفد قطاع التربية بالمعلمين الأكفاء في الوطن العربي، وأننا في مئوية الدولة الثانية بحاجة إلى مراجعة العملية التعليمية في الأردن لترسيخ الدور الريادي في هذه العملية، مشيراً إلى أهمية وجود كتب ودراسات توثق الأحداث والوقائع غير المكتوبة في قطاع التربية مثل كِتاب د.عزت جرادات الذي يعتمد على الرواية الشفهية وعلى تجربته ومسيرته التربوية وتدرجه في السلم التربوي، متناولاً نشوء التعليم في الدولة الأردنية وما قبلها وصولاً لما بعد عام 2000.
وأشار الشريف فواز شرف إلى أهمية وضع كتب ودراسات بحثية تاريخية متعمقة ومتخصصة في قطاع التربية والتعليم في الأردن بين أيدي المهتمين والعاملين في التربية، مبيناً التحديات التي واجهت وتواجه العملية التعليمية، واهتمام الأردن بموضوع المعارف منذ عام 1939، وتطوره في هذا القطاع من خلال إنشاء الجامعة الأردنية عام 1961، ووضع قانون التربية والتعليم عام 1964، موضحاً أهمية البعد الوطني لجميع الشعوب التي حصلت على استقلالها وسعت لتحقيق النمو من خلال التعليم.
وأشار د.عدنان بدران إلى دور المنظمات الدولية والإقليمية في العملية التعليمية، مؤكداً أهمية تحديث الرباعية التربوية -الجودة، والإبداع، والابتكار، والتنافسية- والنظر إلى الإنتاجية في قطاع التعليم والعمل على تطويرها، وإلى التحديات التي واجهها التعليم في الأردن نتيجة احتلال الضفة الغربية والهجرات من الدول المجاورة، موضحاً بأن مضامين الكِتاب تناولت بشكل موسع تطور العملية التعليمية في الأردن منذ مرحلة الكَتاتيب وصولاً إلى وزارة التربية والتعليم.
وتحدث د.محمد ولد أعمر عن طرق التعليم لتحقيق التنمية المثلى في مجتمع محدود الموارد عظيم الطموح كالأردن، وعن تقييم تجربة اللامركزية في قطاع التعليم، وإلغاء مادة الفلسفة من الخطط الدراسية، ورصد التحديات الثقافية والسياسية التي واجهت عملية تطوير النظام التربوي، وقارن بين واقع قطاع التعليم في الماضي واليوم كونها الطريقة لمعرفة الأزمات والتحديات وتداركها، وهذا كله جاء نتيجة الذاكرة النشطة للكَّاتّب، مشيراً إلى أن الكثير من المحطات المفصلية والتفاصيل الدقيقة لتاريخ سيرة التربية والتعليم في الأردن رصدها د.عزت جرادات.
وبَيّنَ د.جواد العناني أن التعليم محرك اجتماعي أساسي للانتقال من الصفوف الخلفية إلى الأمام والوصول إلى التنمية، مشيراً إلى وجود حالة من الإزدواجية والتراجع في العملية التعليمية ومخرجاتها في المجتمع الأردني، مؤكداً ضرورة العمل على وضع الأطر الأساسية لمهنة التعليم وتعريفها بشكل واضح، والعمل على إعادة هيبة المعلم من خلال تحسين أوضاعه.
وأشار د.علي محافظة إلى تطوير مسيرة التربية والتعليم في الأردن منذ مرحلة التنظيمات في العهد العثماني في القرن التاسع عشر حتى اليوم، وعرض بإسهاب نمو وتطور مختلف عناصر التربية والتعليم ومحتوياتها من البناء المدرسي إلى المعلمين والمعلمات والتلاميذ والإدارة المدرسية، ومراحل التعليم العام، مؤكداً الدور الكبير الذي قام به د.عزت جرادات في تطوير التربية والتعليم من خلال آرائه ورؤيته الفذة، والعمل على توسيع الدراسات المتعلقة بتطوير نظام التربية والتعليم.
وتَطَرّقَ د.تيسير النعيمي إلى مضمون تطور التشريعات التعليمية والقضايا الأساسية في العملية التربوية، ودور الدولة والقيادة الهاشمية في توفير ودعم كل ما يلزم للنهوض بقطاع التعليم عبر السنوات مما جعل الأردن مستودعاً للخبرات في هذا القطاع، مشيراً إلى أن هذا الكتاب موسوعي ويغطي بموضوعية قطاع التربية والتعليم كافة على مستوى الوطن العربي والدولي.
وأشار د.فالح الطويل إلى أن مضامين الكتاب بينت بشكل مختصر سيرة حياة المؤلف وخبراته العلمية والعملية في قطاع التربية والتعليم، كما أنها رسمت طريق البناء التعليمي والوطني ونتائج الجهد المبذول للنهوض بعملية التعليم في الأردن بأسلوب علمي سهل يتصل فيه المؤلف مع القارئ، مشيراً إلى أنه يمكن تعميم هذه التجربة والاستفادة منها في خدمة المجتمع الأردني بشكل خاص والمجتمع العربي والإنساني بشكل عام.