حالنا قبل المنخفض، لا نبالغ إذا ما قلنا أن قصصا تدوّن بهذا الشأن، فمجرد أن ينتهي منخفض يتبعه على الفور البدء بالحديث عن قدوم منخفض جديد آخر، ويتكرر ذات المشهد بذات التفاصيل كل فصل شتاء، توقعات، وفرضيات واستعدادات تكاد تُخلي الأسواق من سلع أساسية أو تدفع لإرتفاع أسعارها نتيجة للإقبال الكبير عليها، وازدحامات في المخابز ومحطات الوقود، وعبثية في اطلاق المعلومات وتبادلها، الأمر الذي بات يشكّل حالة سلبية في كل مرة يبدأ الحديث بها عن تعرّض البلاد لمنخفض جوي.
تضارب بالأخبار والمعلومات، بمجرد بدء الحديث عن منخفض سواء كان عميقا أو غير ذلك، وكأن صافرة اطلاق ماراثون تعلن بدء سباقات في نشر الأخبار والمعلومات بشأن المنخفض، وللأسف غالبية هذه المعلومات أو الأخبار تكون مكررة أو مغلوطة، والهدف منها جمع متابعين ومشاهدين، لا أكثر والشهرة ولو كانت النتائج تنعكس سلبا على كافة القطاعات، وعلى الشارع المحلي، فمجرد وصف المنخفض بالعميق تعلو الأصوات إمّا بطلب الاجازات للمدارس والمؤسسات، أو بتأخير الدوام، وتمتلئ الأسواق بالمواطنين مما يسبب ازدحامات في الشوارع والمحال التجارية والمخابز، وغيرها من المظاهر التي باتت متلازمة مع شتائنا والمنخفضات الجوية.
من الطبيعي جدا تعرّض المملكة للمنخضفات الجوية خلال فصل الشتاء، فليس استثناء أن تشهد البلاد حالات جوية كهذه في فصل الخير، ولكن من غير الطبيعي أن تتكرر ذات الحالة مع كل منخفض جوي، ينتج عنها ارباكات وتوتر، وقلق وعاصفة من المعلومات، والمطالبات، وغياب للمعلومة الدقيقة في كثير من الأحيان تحديدا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ليتحوّل المشهد لحالة من التخبّط في كافة مسارات الحياة.
في اصرار البعض على تهويل واقع المنخفضات الجوية التي تتعرض لها المملكة، مسألة يجب حسمها بايقافها بشكل عملي، ففي مثل هذه الأجواء من الطبيعي جدا تعرّض المملكة لمنخفضات، وعليه يجب أن يكون اصدارات علمية بلغة واضحة عن واقع الحالة الجوية، دون تهويل الأمور أو منحها حجما أكبر من حقيقتها، حتى لا تكون ردود الأفعال بحجم ما يتحدث به البعض من تهويل، ما هو مطلوب تقديم نشرة واضحة للجميع من مصادر علمية صاحبة اختصاص وفي مقدمتها بطبيعة الحال دائرة الأرصاد الجوية، والابتعاد عن أي تحليل قد يقود لتهويل واقع الحال وبثّ روح الخوف عند المواطنين، ليتم التعامل مع الأمر بردات فعل أكبر بكثير من حجم الحدث..
حالنا قبل المنخفضات، عمليا بات سيئا وتكرار ذات التفاصيل يجعل الأمور تتجه نحو حتمية حسم هذا الجانب لجهة المعلومات، ولجهة نقل الواقع كما هو دون تضخيم، فمن غير المعقول أن نعيش ذات التفاصيل في كل مرة يتم الاعلان بها عن منخفض جوي، علما بأن دول العالم لا بل دول الجوار يعيشون ذات الواقع الجوي إن لم يكن أكثر عمقا دون أي ردود فعل، ذلك ان الطبيعي هو تعرّض البلاد للمنخفضات الجوية خلال فصل الشتاء، فلا بد أن يتم ضبط ردات الفعل بشكل أكثر مسؤولية، ودون تهويل الأمور، لتكون آلية تعامل المواطنين مع أي منخفض في الإطار المقبول سواء كان في توفير السلع وشرائها، والخبز، وتخفيف حالة الارباك أو وقفها فيما يخص دوام المدارس والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة، والتي باتت ترافق كل إعلان عن منخفض جوي.
التحذيرات المبنية على أسس علمية ومعلومات صادرة عن جهات متخصصة مسألة هامة، لأخذ الحيطة والحذر، ووضع التفاصيل العلمية أمام الجميع ايضا مسألة هامة إن لم تكن مسؤولية ملقاة على عاتق الجهات ذات الاختصاص، واقتصار هذا الجانب عليها، والابتعاد عن التحليلات وعبثية المعلومات وتكرارها بصيغ مقلقة، مسألة باتت ضرورية.