أيوجد شك لدى البعض أن المرأة إنسان- مخلوق له روح وفكر وعقل كما الرجل – فمفهوم الرجولة يقتضي أن لا يتوانى عن الاعتذار إذا اخطأ – وأن يحترم الناس ويساعد الضعفاء – وأن يتسم بصفات حسنة تؤهله لحمل لقب \" الرجل\" , فما هو مفهوم المرأة ؟
لقد كان المعتقد القديم بان \"لا حق للمرأة \" فهي تعتبر شيء زائد على البشرية بل ما هو اكبر فهي ضارة غير نافعة بكافة المجالات.
على سبيل المثال فقد كانت بالحضارة الإغريقية القديمة بمثابة رجس من عمل الشيطان كما ذكر سقراط \" المرأة كالشجرة الجميلة المسمومة التي تجتذب العصافير وما أن تحط عليها إلا باغتتها وقتلتها\" .
وعند الرومان أنها بلا روح , وعند الصينيون الحق لزوجها بان يدفنها حية وأنها تورّث لأهله في حال وفاته- وعند الهنود أنها لا تستحق الحياة بعد وفاة زوجها فيتوجب دفنها مع زوجها – وعند الفرس يجوز لزوجها أن يحكم عليها بالموت – وعند اليهود أنها لعنة ويجوز لأبيها أن يبيعها- والنصارى كان هناك تداول كبير عبر العصور لمناقشة إذا كانت المرأة إنسان أم لا وهل تمتلك روحا حيوانية أم إنسانية- وإذا كانت إنسانية فهل هي بمستوى الرجل أم أدني- وأخيرا قرروا أنها إنسان ولكنها خلقت لخدمة الرجل فقط- أما العرب في الجاهلية قبل الإسلام فحدّث ولا حرج فقد كانت تُبغض حدّ الموت وتُوأد حيّة.
لن أذكر التكريم الذي كرّمه الإسلام للمرأة حين نزلت التشريعات ولكن الذي يستحق الذكر ما هو الحال بوقتنا الحالي وكيفية ونوعية الفكر المُتجّه للمرأة ليس من قِبَل الرجل ولكن من قِبَل المرأة بحد ذاتها فكيف هي نظرتها للمرأة.
للأسف نجد أن نظرة المرأة المعاصرة المتحضرة للمرأة تجاوزت جميع المبادئ والفكر القديم والحديث فهي تعامل المرأة كأنها عدو من الطراز الأول كأنها رجس من الشيطان سواء كانت قريبة أم بعيدة –إنسان بلا روح , فأصبحت ممن تتنادى بحقوق المرأة وهي مضيّعة لحقوقها قبل حقوق الله- تعيش صراع متجدد مع ذاتها علّها تستطيع الوصول إلى مبتغى والأدهى أنها لا تعلم ما هو المبتغى- فتكون بهذه الحالة لا تخدم إلا الشيطان الذي تتهم قرينتها المرأة أنها هو – فتصبح لا فرق بينها وبين المرأة, والشيطان سواء.
المفترض أن التطور العلمي والحضاري جاء لخدمة الإنسان ومنفعته لا لدماره والوصول به إلى الحضيض ولكن للأسف الأكثرية اتخذوا هذا التطور بشكل سلبي فكم سمعنا عن حوادث ولا زالت تحدث أدّت إلى مشكلات أساسية تنخر بِعَصَب أهم المؤسسات في المجتمع ألا وهي الأسرة – فقد كان اختراع الهاتف النقال من أهم اكتشافات العصر الذي يخدم وبشكل كبير الجميع فقد كان له الأثر بإيصال الخبر والمعلومة مهما بعُدت المسافة , ولكن العكس ما يحدث والذي يُحزننا حدوث بعض المواقف في حفلات الأفراح \" الأعراس أو المناسبات الأخرى\" في مجتمعاتنا الشرقية من تصوير وتسجيل والشروع بنشر ما هو موجود كمادة إعلانية كما ينتشر النار في الهشيم مما يؤدي إلى نزاع وشقاق ما بين الأخ وأخته والأب وابنته والزوج وزوجِه- والذي يجزن أكثر أن من تقوم بمثل هذه الأفعال هي المرأة لأخواتها من النساء الأخريات فتقوم بعمل المفترض أن يقوم به الشيطان ولكنها تكفلت بعمله وأعطته إجازة مفتوحة وقامت بعمل اللازم من تفريق ما بين المرء وزوجِه – وتفكيك للأُسر من جميع الأوجه –وكشف العورات , فبالاستعاضة من أن تكون إنسان يوفّق بين الناس كما هي الطبيعة المخلوقة لها فهي المكلفة بالتوفيق مابين الأخوة كونها الحنون الرءوم وان توفق ما بين الزوج والأولاد والعائلة ككل فهي مخلوقة على العاطفة والرحمة والإنسانية ولكنها بالمقابل بدّلت خلق الله وما فطرها عليه إلى خلق جديد من صنع الشيطان ركيزته الفكر المتحضر المسموم بخزعبلات العصر الملوّث بكل ما هو دنيء ذو خِسّة , الغريب بالأمر أن هذا الوضع موجود عندنا فقط في بلاد العروبة والإسلام وندر ما يوجد ببلاد من اخترع مثل هذه التقنية فهل هو التقليد الأعمى وممن التقليد إذا كان لا يتواجد إلا عندنا- هل هذا أسلوب ديننا وأخلاقنا كانسان؟ أم هو نتاج حضارة المطالبة بالحقوق لفكر مستقل نسعى لفرض الاحترام له – ولا تدري أيتها المرأة المسكينة انك بتصرف كهذا قد عدت أدراجكِ من رِفعة وعلوّ وتكريم كنت قد شُرّفْتِ بهم في أخلاقيات الإسلام وعدت القهقرى إلى العصور المظلمة التي تدعو إلى أن تكون المرأة مجرد متاع أو أنها رجس من عمل الشيطان .
تساؤلات كثيرة والإجابة وحدها عند المرأة فهي المخطط والمتهم والضحية في آن واحد, ولا زال في المجتمع العديد من القضايا الشبيهة لتلك ولكن ما يخفى كان أعظم.
أرجو من الجميع برحمةٍ من الله العودة كل منا إلى ما خُلِق له وما فُطِر عليه, أما الذين يسعون في الأرض الفساد فليتقوا الله وينظروا ما قدمت أيديهم قال تعالى\" وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا\"الكهف (57).
هذه القضية من لفت انتباهي لها الأخ الفاضل\"م. محمد البطاينة\"مما دعاني لكتابة هذا الموضوع جزاه الله كل خير.