أذكر أننا في البناية التي بناها رحمة الوالد قبل عقود من الزمن، كان هناك ساعة كهرباء واحدة للبناية، وأذكر أنه تم وضع عدادات داخلية للشقق مهمتها احتساب مصروف الكهرباء للشقة الواحدة، فيما يكون حساب الشركة على العداد الرئيسي الوحيد في البناية، وهذا الأمر ينساق على معظم البنايات القديمة والشعبية والعشوائية المرخصة منها وغير المرخصة. أي أننا أمام عدد كبير من العائلات الأردنية التي تقطن مثل هذه البنايات ذات الساعة الواحدة والاقتصار على عدادات داخلية صغيرة.
ولم تكن هذه الحالة غريبة بل اعتيادية وتتعامل معها شركة الكهرباء بصورة طبيعية. لكن الآن وبعد إقرار ما يسمى بالتسجيل لغايات الحصول على دعم الكهرباء، فقد ظهرت هذه المشكلة الاجتماعية بوضوح، ربما لا أمتلك أرقاما محددة تبين حجم القضية، لكنها بالتأكيد تحتمل أرقاما بعشرات الآلاف من المواطنين والعائلات المتضررين لعدم قدرتهم على التسجيل على المنصة الخاصة بالدعم.
إن هذه البنايات التي مضى عليها عقود منذ إنشائها، وربما أصبحت نسبة كبيرة منها غير مرخصة أو لا يمكن ترخيص الأجزاء المضافة عليها بمرور السنين وزيادة عدد الساكنين. وحيث أن الحكومة ربطت الحصول على عداد كهرباء أو مياه أو أية خدمات بلدية بالترخيص للبناء وبدفع رسوم المسقفات والضرائب وعوائد الخدمات وبدل مواقف السيارات وغيرها، فهذا يعني عدم تمكن تلك الفئات المتضررة من التقدم للحصول على ساعة كهرباء مستقلة لكل منتفع بسبب تلك المشاكل المعلقة والتي ربما أصبح من الصعب حلها.
وحيث أنه مع تحرير سعر الكهرباء فإن ساكني تلك الشقق المربوطة شققهم على ساعة كهرباء واحدة، سيجدون أنفسهم مضطرين لتحمل مبالغ مضاعفة ثمن الكهرباء، بسبب عدم حصولهم على فرق الدعم كبقية المواطنين.
إن تجارب الدول في هذا المجال تظهر أن الكهرباء والماء والغاز وأية سلع خدماتية تقدم باعتبارها سلعة يتم بيعها بين طرفين دون ربط عملية البيع بأية متعلقات أخرى. وعليه فإن الكهرباء بهذا الفهم يمكن تزويد أي مواطن بها دون ارتباط ذلك بأية أمور أخرى أو تبرئة الذمة من جهات ثانية. لقد وصل الحال إلى ما يدعى بعمليات الشراء المسبق للكهرباء والماء عبر الدفع الإلكتروني المسبق والذي يتيح الانتفاع من السلع الخدماتية بحسب التغطية المالية، ويتم قطعها دون الرجوع لأية جهة عند انتهاء أو خلو المحفظة المالية الخاصة بذلك.
إن هؤلاء المواطنين لا ذنب لهم بحرمانهم من الدعم لأسباب مضى عليها زمن كبير والحكومات تعلم عنه وتتعامل معه كواقع، وحيث أن الدعم بالأصل للمنتفع الذي لديه رقم وطني ودفتر عائلة، فإن المنطق يفترض أن يتم منح عداد كهرباء لكل مواطن يحمل دفتر عائلة بعيدا عن حكايات الترخيص للأبنية والعشوائيات، فما دام هو مواطن وله عائلة، فهذا كاف كي يحصل على الكهرباء والماء.
إن الحل المقترح هو أن يتم تصويب أوضاع هؤلاء المواطنين بمنحهم عدادات كهرباء حسب الشروط الواردة للدعم والمتمثلة بدفتر العائلة. وعدم ربط ذلك بأية أمور أخرى.