يمكن صياغة السؤال بطريقة أخرى، تبين أنه سؤال مهم ويقع في قلب الشأن العام، ولو قلنا: هل ستتوازن أسعار الخضار المحلية أخيرا؟ سيكون سؤالا مهما ينال اهتمام الجميع.
«في الزمانات».. وحين كنا نزرع بندورة بعلية، أي بلا ريّ ولا ماء ولا حتى مبيدات سوى «الكبريت»، كانت تداهمنا مرتفعات جوية، تتعالى فيها درجات الحرارة لتبلغ 40 درجة مئوية وأكثر، وذلك في أعقاب شهر آب حتى شهر تشرين الثاني، ولا أقول أن كل هذه الفترة كانت تشهد ارتفاع درجات الحرارة فوق 35 درجة مئوي، بل ربما يأتي يوم أو عدة أيام تشهد مثل هذا الإرتفاع، فكان حبات البندورة تنمو وتنضج بسرعة، وكان هذا يؤثر بشكل سيئ على أسعارها، حيث يزداد الانتاج والسوق محدودة، بطرق تسويق بدائية جدا، ويصبح سعر كيلو البندورة قرشين و ثلاثة قروش ..
في هذا الموسم الزراعي الشتوي، شهدت منطقتنا رياحا قطبية، وصلت معها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي، وهذا ألقى بظلاله على انتاج الخضروات والفواكه، حيث أن البرد يوقف أو يبطىءنموها ونضجها، عكس ارتفاع درجات الحرارة، فانخفض انتاج المزارع من الخضروات، وشحّت كمياتها في الأسواق، فارتفع سعرها عنه في مثل الوقت من الأعوام الماضية الى الضعف تقريبا وربما أكثر..(أمس مثلا بلغت كمية انتاج البندورة 200 طن والخيار 85 طن، فقط، بينما حاجة السوق المحلية اليومية هي 450 طن من البندورة، و190 طن من الخيار).. انخفاض في الانتاج اازدادت معاناة الناس، الذين يشتكون أصلا من ارتفاع أسعار السلع الأخرى، لا سيما المستوردة من الخارج، وهو ارتفاع عالمي معروف وليس بالجديد، وأصبحت بعض الشعوب في دولة قوية اقتصاديا، تخرج إلى الشوارع في مظاهرات بسبب موجة ارتفاع الأسعار في كل شيء.
تقول تقارير الأرصاد الجوية المختلفة، بأن هذه الموجة من الرياح القطبية قد تكون الأخيرة خلال هذا الموسم المطري، وهذا خبر مبشر بالخير، حيث سترتفع درجات الحرارة وتعتدل، الأمر الذي سينعكس خلال أيام على حجم الانتاج في المزارع، وسوف تزداد كميات الخضروات التي ستتدفق إلى الأسواق، وتعود أسعارها إلى رشدها، وهذا فأل طيب يصادف حدوثه مع انطلاق شهر رمضان الكريم، الذي يشهد طلبا متزايدا على الغذاء بكل انواعه.
لن تتوانى وزارة الزراعة عن اتخاذ بعض الإجراءات التي تقع ضمن صلاحياتها، في حال استمرار جموح أسعار بعض أصناف الخضروات المنتجة محليا، وتحافظ في الوقت نفسه على دورها بدعم المزارع، والحفاظ على مصالح التجار، لكن ليس على حساب التغول على جيب المواطن المستهلك.