... تطورات هامه شهدنها الساحة الأردنية خلال الأسبوع المنصرم تجعل من الحكيم حيرانا ، تطورات عجيبة غريبة تمثلت في المغالاة في ردود الفعل وإطلاق الاتهامات جزافا ، رفضا متعمدا للرأي الأخر ، تراجعا أخلاقيا في مستوى المطالبات اسماها البعض ارتفاعا حادا في سقف المطالبات والشعارات التي تطرح ، فعلى جانب مناقشات مجلس النواب الأخيرة ، فأن الأغلبية البسيطة و بفارق ثلاثة أصوات قد اقرت ببراءة رئيس الوزراء من تهمة التورط بقضية الكازينو ووجهت اتهامها للوزير السابق اسأمه الدباس وغيره ، مما يعني ضرورة أن تحترم الأقلية رأي الأكثرية وتتقبل هزيمتها المعنوية بكل أخلاقيات العمل الديمقراطي دون أن تتمرد على القرار وتهدد بالاستقالات وتلجا إلى تعطيل مؤسسة وطنية تشريعية ورقابية هامة ما لم ينفذ ما تخطط له ، وهو رفض مع سبق الإصرار لرأي زملائهم الذين قرروا تبرئة الرجل من التهم الموجهة إليه ، مما يعد سلوكا غير ديمقراطي وغير حضاري لا يمكن لمواطن عاقل أن يقبل به إلا أن كان هناك ماهو أعظم من رأي النائب وهو دفعه باتجاه ان يكون الأداة الطيعة لتصفية الحسابات التي تشهدها الساحة الأردنية بين بعض الكبار من جهة ، او رغبة ذاتية للنائب بزيادة رقعة قاعدته الشعبية على حساب الوطن والمنطق الديمقراطي الذي رحب به الناس في مناقشات مجلس النواب لملف الكازينو ، فاللجان العاملة في المجلس تنتظر العمل بملفات اخطر واعقد من ملف الكازينو ساهمت بتدمير مقدرات الوطن ونهب خيراته وهي التي ينتظر الناس الاستماع إليها ومعرفة دهاليزها والجهات التي نفذتها تمهيدا لمحاكمتها ، فنجاح البخيت في المرور من عنق زجاجة مناقشات المجلس استنادا إلى الوقائع التي عرفها الناس لا يعني نجاح الاخرين من المرور لو توافرت الإرادة الحقيقية لأعضاء المجلس متابعة الملفات ومحاكمة المتهمين وعدم تعطيل تلك الملفات وطيها وهي النتيجة التي يبحث البعض عنها ويتمناها حتى لا تطاله التحقيقات وحكم الشعب ، فالعضلات يجب أن تستعرض هنا وليس على ملف قضية أكثر ما يمكن أن يقال بحقه انه مشروع استثماري جرى طيه دون خسارة على عكس عشرات المشاريع التي تورط بها أناس آخرين وكلفت البلاد مئات الملايين دون طائل أو جدوى محسوبة !! فتعطيل الجلسات والتهديد بالاستقالات يخدم الزمرة الفاسدة ويحميها من تبعات التحقيق والحكم والمحاكمة .
كذلك ، شهدت بعض المسيرات التي تجوب البلاد شعارات لم يشهدها الناس من قبل وتعني الانتقال إلى مرحلة جديدة من مراحل المواجهة مع النظام وخلخلة الأمن والاستقرار وعدم الثقة بكل ما يجري تمهيدا لمرحلة قد تكون أشد وطأة مع النظام ، الخاسر فيها الوطن والشعب !! فالشعارات المغالية التي توجه للكبار من أركان الحكم والمقربين باتت لعبة لدغدغة مشاعر الناس وتثبيت الاتهامات ونشرها والتي تكمن خطورتها بالتسابق لجرد كل أركان الحكم دون استثناء وإشاعة الفوضى وعدم الثقة بمن يحكم ويدير مؤسساتنا ، وهي فوضى مدروسة يجري الإعداد لها منذ زمن لإضعاف البلاد وخلخلة الثقة بين الشعب وقيادته تمهيدا للانتقال إلى مرحلة اخطر وأعمق تأثيرا من مجرد مطالبات الإصلاح ومكافحة الفساد ، ومن هنا فأن التعديل الوزاري الذي جرى على حكومة البخيت لم يلقى ترحيب تلك الجهات ليس لجهة الوزراء الجدد بل لجهة استمرار تأزيم الموقف والقول ان كل من يحكم سواء أكان رئيس وزراء جديد او قديم أو الوزراء أنفسهم هم خريجو مؤسسة الفساد وبالتالي لن يحصل الإصلاح المنشود الذي يطالب به الناس ! وتلك هي الخطورة الأعمق والأشد على الوطن واستقراره حين تنعدم الثقة بين الناس والحكم ، فقوالب الاتهام الجاهزة لدى تلك القوى معدة ليس من اليوم وحسب بل ومنذ أزمنة غابرة اعتادها تيارات ظلامية تمتطي أحداث الوطن لتعتليها بشعارات إصلاحية تدغدغ عواطف الناس وتخفي من ورائها فتن ومخططات تخريب الوطن لصالح قوى وأطراف خارجية تنتظر ضعف الدولة الأردنية لتمرير مخططاتها او توسعها ونشر عقيدتها !
علينا الحذر والتنبه من تلك الخطوات ومن تلك الشعارات التي تطلق بين الفينة والفينة ، فالدعوة للإصلاح باتت دعوة شرعية ووطنية وأخلاقية ، ومكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين مطلبا وطنيا بإجماع الجميع ، ولكن الحذر أن لا تتجاوز تلك الشعارات والدعوات والاتهامات خطوط الثقة والطمأنينة والأمل المرجو بالتغيير ، فما يجري اليوم من أحداث يثبت ان هناك فريقا بل فرق متعددة منظمه منتشرة في معظم مؤسساتنا لا تأبه للاستقرار والأمن الذي نعيشه لأن هدفها ليس الوطن ، بل أجندتها الخاصة التي تتكشف يوما بعد يوم ، وعلى أعضاء المجلس الكريم التنبه لتلك الخطورة والعودة عن قراراتهم واستقالاتهم إن أرادوا فعلا مواصلة الدرب وملاحقة الفساد ، فما جرى في جلسة مناقشة ملف الكازينو ليس نهاية العالم أيها السادة ، ولن يدفعكم للتراجع واليأس والاستسلام وتخريب مؤسسة تشريعية ورقابية نحترمها بدأ الناس يعيد الثقة بها بعد مهزلة ال 111 . .