زاد الاردن الاخباري -
طارق ديلواني - استحوذ الأردن على المرتبة قبل الأخيرة بين الدول العربية في تصنيف تقرير السعادة العالمي 2022 الصادر عن الأمم المتحدة، مما عزز الانطباع السائد والمقولة الشعبية التي تربط الأردنيين بـ "الكشرة" وقلة التبسم.
وخلال السنوات الأخيرة تعددت الأسباب التي جعلت الأردن في ذيل قائمة تصنيف السعادة عربياً، ما بين عوامل اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية، الأمر الذي أثر في نفسية الأردنيين وعدم شعورهم بالسعادة أو الرضا عن حياتهم.
وشهدت الأعوام الأخيرة تراجعاً لافتاً، ففي العام 2017 كان ترتيب الأردن على مؤشر السعادة الـ 74 عالمياً، إلا أنه تراجع العام 2018 إلى الـ 90 عالمياً، ثم إلى 101 في 2019، و119 خلال 2020، ليصل عام 2021 إلى المرتبة 127 من أصل 149 دولة.
نصف الأردنيين غير سعداء
ويتم تصنيف تقرير السعادة العالمي وفقاً لمؤشرات محددة، "بينها نصيب الفرد من الناتج المحلي وحرية اتخاذ القرارات وجودة الخدمات الصحية والتعليمية ومتوسط عمر الفرد وانتشار العدل وانعدام الفساد وعدم انتشاره".
ويتفق تصنيف السعادة العالمي للأردن مع استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أظهر "أن نصف الأردنيين لا يعتقدون أنهم سعداء، وأن 42 في المئة تقريباً يصفون أنفسهم بأنهم غير سعداء، ونحو 58 في المئة لم يشعروا بالسعادة في عيد الفطر".
ويبدو أن الحال الاقتصادية المتردية هي أبرز أسباب عدم شعور الأردنيين بالسعادة، إذ يعتقد 28 في المئة من الأردنيين أن الوضع الاقتصادي الجيد من أهم العوامل التي تؤدي إلى الشعور بالسعادة.
ويعتقد رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية الأكاديمي زيد عيادات "أن الأردنيين يقيسون سعادتهم وفقاً لأمور مرتبطة بالعائلة والصحة، وهو ما قد يكون خلق هذه الفجوة في الاستطلاع، إذ يتضح منه أن ساكني محافظة عجلون شمال المملكة كانوا الأكثر سعادة وفق الاستطلاع، فيما كانت محافظة الطفيلة جنوباً الأقل سعادة".
الرفاهية والسعادة
يرى الكاتب فارس الحباشنة "أن مفهوم السعادة لدى الأردنيين بات يرتبط بتوفير الحاجات المعيشية الأساس مثل فرص العمل والماء والكهرباء، وأن مؤشر التعاسة يزداد ارتفاعاً بدليل لجوء أغلب الأردنيين إلى السفارات الأجنبية بهدف الهجرة والبحث عن حياة أفضل". ويضيف، "هل يمكن أن تولد السعادة لشعب أغلبه مدين للبنوك وضمن أعلى نسبة عالمية، فضلاً عن معاناة نحو نصف الأردنيين من الأمراض وتقاضيهم أجوراً لا تلامس خط الفقر".
ويتحدث الحباشنة عن "غياب الخدمات الاجتماعية العامة التي تقدمها الدولة من تعليم ورعاية صحية ونقل عام وغيرها، وبطبيعة الحال اختفاء وسائل الترفيه، بخاصة مع الضغط الذي شكله تلاحق هجرات اللاجئين إلى المملكة".
وفي السياق ذاته، ارتفعت نسبة البطالة في البلاد في أحدث إحصاءاتها إلى 24 في المئة، خصوصاً بين من يحملون الشهادة الجامعية، فيما توقع البنك الدولي ارتفاع نسبة الفقر إلى 27 في المئة، كما تراجع مستوى الخدمات العامة الصحية والتعليمية والنقل، وانتشر الفساد المالي والإداري والواسطة والمحسوبية، وغاب تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، مما جعل الأردنيين في معظمهم تعساء.
وصفة الدول للسعادة
وفيما تخصص دول عربية أخرى مثل الإمارات وزارة بأكملها للسعادة، تبدو الخطط الحكومية الأردنية غائبة تماماً في هذا الشأن، إذ تعد الرفاهية بالنسبة إلى الأردنيين ضرباً من الترف، فتغيب الحدائق العامة والملاعب والأماكن المخصصة للأطفال بشكل كبير عن معظم المدن الأردنية، في حين يتراجع مستوى الخدمات العامة والبنى التحتية عاماً بعد آخر.
وعلى وقع تراجع اقتصادي وسياسي يشهده الأردن منذ سنوات، وفي موازاة تصنيف المملكة من قبل مؤسسات دولية بأنها باتت دولة قمعية تراجعت فيها حقوق الإنسان والحريات، يطالب مراقبون باتخاذ خطوات حكومية تسهم في رفع منسوب السعادة والشعور بالرضى بين المواطنين الأردنيين، مثل خفض عدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية بهدف زيادة الإنتاجية وجعل الموظفين أكثر سعادة، إضافة إلى استعادة دور الدولة الرعوي وتطوير منظومة الأمن والدعم الاجتماعي وتعزيز دولة القانون.
يقول الكاتب جميل النمري، "إن أول تقرير حول السعادة صدر عام 2012، ويتم الاحتفال بيوم السعادة عالمياً بتاريخ الـ 21 من مارس (آذار)، لكن لا يتم النظر إليه بالجدية نفسها مثل أعياد عالمية أخرى راسخة، وقد يتطلب الأمر مزيداً من الوقت حتى يأخذ مكانته المعنوية والثقافية". ويرصد متخصصون كيف سادت مشاعر الغضب واليأس والإحباط الشعبية، وكيف يتم التعبير عن هذه المشاعر بالسخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
"انديبنت عربية"