زاد الاردن الاخباري -
اكد خبراء اقتصاديون ان الاقتصاد الاردني لا يعد «انتاجيا» وغير قادر على توفير فرص عمل حقيقة لطالبي الاعمال، الامر الذي يوسع من نسب البطالة التي تجاوزت نسبتها 23% في الربع الاخير بحسب تقرير دائرة الاحصاءات العامة للربع الاخير من عام 2021، ما يتطلب من الحكومات وضع جدول زمني للحد من مشكلة البطالة ضمن اطر تتناسب وحاجة سوق العمل الفعلية في ظل تقلدية الحلول المقدمة من قبل الجهات المعنية.
وقالو في احاديث الى «الرأي» ان الحل الجذري لمشكلة البطالة مرتبط بـ"الرقابة القطاعية»، مؤكدين ان عملية التوظيف ليست مسؤولية وزارة العمل فقط، بل يتطلب ضرورة التوجه نحو تنفيذ برامج معنية بالتعليم المهني والتقني، نظرا لاستنزاف العمالة الوافدة حاجة سوق العمل الحر، لافتين الى ان تشجيع الاستثمار لا يعني بالضرورة الحل الانجع للحد من «البطالة».
من جانبه اكد الخبير الاقتصادي حسام عايش الى «الراي» ان معطيات النمو الاقتصادي والتراجع الاقتصادي لا تؤثر على نسب البطالة بل تتعلق باداء الاقتصاد وانعدام توفير فرص عمل بديلة كالمشاريع الاستثمارية وحاجات سوق العمل في بنيته الاولية، للاشخاص من حملة المهارات او التخصصات الجامعية والتي غالبا ما تذهب الى» العمالة الوافدة »، الا ان ما ينتجه الاقتصاد من وظائف ومهن وحرف في معظمها ليست بحاجة الى مهارات، وبالتالي لا تجذب انتباه الاردنيين نظرا لانخفاض الاجور وانعدام البيئة المناسبة للاعمال نظرا لثقافة المجتمع.
واشار عايش الى ضرورة توليد انواع جديدة من الاعمال لتوفير فرص عمل مناسبة لميول طالب الاعمال من الاردنيين او رغباتهم الفعلية في سبيل خفض معدلات البطالة وليس لحدها على -حسب قوله-.
وقال عايش ان الحلول التي تقدمها وزارة العمل هي حلول تعود الى برامج ممولة ومقدمة من قبل منح خارجية لعدم قدرة العاملين من الشباب باعتبارها وظائف مؤقتة، وهو ما اعتبره نوعا من انواع التدريب العملي، بالتالي فان عائد هذه السياسات يظل مرتبطا بالفترة الزمنية عند توظيف الراغبين بالعمل ضمن هذه المشاريع، لافتا الى ان هذه الانواع من فرص التشغيل تعتبر «محاباة» وليست من صلب النمو والتطور الاقتصادي الذي يفرض نفسه بمزيد من الوظائف والحرف في السوق المحلي.
واضاف عايش ان حاجة سوق العمل في تغيير بحكم التطور بادارة الاعمال الذي يتطلب ادخال التكنولوجيا في كثير من المناحي، الامر الذي يستدعي النهوض بالجوانب التكنولوجية لدى بعض المؤسسات مما يجعل من هذا السوق غير قادر على توفير مهن ووظائف مناسبة لتطلعات الشباب، او لتخصصاتهم او حتى نوعية التدريب كونه تقليديا من حيث المبدأ ولم يعد سوق العمل بحاجاته في ظل التغييرات الحاصله به مما يوسع من شريحة البطالة في صفوف الشباب ويراكمها.
واوضح عايش بان نسب البطالة المتداولة والمقدرة بحسب الاحصاءات الرسمية في الربع الاخير من العام 2021 نحو 23% هو امر غير دقيق نظرا لاندماج الكثير منهم في الاعمال في «السوق الافتراضي» اي العمل على منصات شكبة المعلومات «الانترنت» او مراسلة الشركات خارج البلاد رغم تسجيله في البيانات الرسمية بانه عاطل عن العمل وهذا يتوجب اجراء مسح حقيقي لبيان الارقام التي توضح عدد المتعطلين عن العمل فعليا.
وتابع عايش بان سوق العمل عاجز عن توفير فرص العمل بدليل ان اعلى معدلات البطالة في صفوف المتعلمين من حملة الشهادات العليا، في حين وصل عدد الاناث غير العاملات من المتعلمات 80 % وهو مايعتبر المدخل الاساسي لانخفاض النمو الاقتصادي.
وطالب عايش الحكومة بعدم الاكثار من «قوانين الاستثمار» كونها تعطي حالة من عدم الاستقرار التشريعي الامر الذي ينعكس على حاجة سوق العمل وعلى العملية الاقتصادية برمتها، داعيا الى ضرورة احداث تغيير في نهج مؤسسات التعليم العالي بعرض تخصصات اكثر مرونة وقدرة على التطور ومواكبة متطلبات سوق العمل.
واكد عايش ان سوق العمل بحاجة الى منظومة من الافكار وعلى الحكومات ان تضع هدفا رئيسيا في عملية النمو الاقتصادي لانجازه ضمن خط زمني محدد، بالعمل على تحديد الاجراءات بالشراكة مع المؤسسات الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني للحد من النسب المرتفعة للبطالة، والعمل على تحويل النفقات الاستثمارية في موازنة عام 2022 والمقدرة بـ(1.5) مليار دينار لخدمة الاقتصاد الحقيقي في مختلف القطاعات الحيوية «زراعية وصناعية وبنية تحتية» التي يحتاجها الاقتصاد.
مبينا ان الاقتصاد الاردني ليس اقتصاد انتاجيا ولايستطيع توفير فرص عمل حقيقة لطالبي الاعمال وذلك بالاشارة الى معدلات البطالة فان نتائجها تعود الى الواقع المعاش ويفترض ان تقود معدلات البطالة المرتفعة البدء بمرحلة للنهوض بالواقع الاقتصادي لاحداث الفرق.
من جهته قال وزير العمل الأسبق نضال القطامين في حديث الى «الراي» أن مشكلة البطالة ليست من مسؤولية وزارة العمل، الا أنها تعمل على ايجاد الحلول الممكنة.
واضاف القطامين ان الحل الجذري لمشكلة البطالة مرتبط بالرقابة القطاعية وذلك بتحديد حاجات كل قطاع على حدة من خلال اجراء دراسات وتضمينها في جداول بيانية تظهر حاجة سوق العمل في هذا القطاع لوضع احتياجاتها ضمن اطر علمية مدروسة وواضحة كي يتمكن كل قطاع من احتواء حاجاته من العاملين.
وبحسب القطامين ان هذا الحل يعتبر «الطريقة الوحيدة» للنظر بشمولية فيما يخص معالجة مشكلة البطالة وصولا لحلول جذرية تمكن اصحاب القرار من ايجاد سبل فاعلة لتوظيف اكبر شريحة ممكنة من الشباب في ظل ارتفاع نسب البطالة في صفوف الشباب من حملة المؤهلات العليا والجامعية.
اما فيما يتعلق بمخرجات التعليم اشار القطامين إلى أن بعض التخصصات تدرس في جميع الجامعات الأردنية وعددها 33 جامعة رسمية وهذا يولد حالة من الاشباع في بعض التخصصات مما ينعكس سلبا على توظيف الخريجين من ذات التخصص وبالتي ترتفع نسب البطالة بشكل ملحوظ.
لافتا الى ضرورة النظر الى نوعية مخرجات التعليم العالي والمهني وربطه مع احتياجات سوق العمل المحلي والاقليمي والدولي بشكل يوائم الحاجة القطاعية لبعض التخصصات.
وبين أن التوجه حيال التعليم المهني متطلب اساسي في هذه المرحلة كونه يهتم بحاملي الشهادات دون الثانوية العامة، في ظل تزايد الطلب على العمالة الوافدة المؤهلة والمدربة التي تستنزف حاجة سوق العمل دونا عن الاردنيين.
و في سياق التعليم التقني دعا القطامين الى ضرورة التوجه الفعلي للمؤسسات المعنية بتنفيذ برامج ذات ابعاد تعنى بتشغيل حملة شهادة الثانوية العامة «التوجيهي» في سبيل تأهيل وتدريب اكبر قدر منهم نظرا لحاجة سوق العمل الحالية والمستقبلية من تلك الاعمال.
واشار القطامين الى الحلول المطروحة من قبل الحكومات المتعاقبة «جزئية»، و تتطلب المزيد من التوسع في الافكار والرؤى الرسمية المطروحة والتي لازالت مقيدة و لاترتقي للطموح.
وحول المشاريع الاستثمارية اكد القطامين بان تشجيع الاستثمار لا يعني بالضرورة الحل الانجع، بل يتطلب الامر دراسة حاجة سوق العمل وفق احصائيات واضحة ومحددة مبنية على حاجة سوق العمل، للحد من مشكلة البطالة، وأن بيئة الاستثمار لا تعني الابتعاد عن الرقابة القطاعية.
في حين اشار تقرير دائرة الاحصاءات العامة للربع الأخير من العام 2021 الذي صدر مؤخرا ارتفاعاً ملحوظا بمعدل معدل البطالة الاجمالي الذي بلغ (23.3%) بارتفاع مقداره 0.1 نقطة مئوية عن الربع الثالث من نفس العام، وبانخفاض مقداره 1.4 نقطة مئوية عن الربع الرابع من عام 2020.
وعرض التقرير معدل البطالة بين حملة الشهادات الجامعية الذي كان مرتفعا، حيث بلغ 27.2% مقارنة بالمستويات التعليمية الأخرى، واشارت النتائج إلى أن 52,4% من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فاعلي، وأن 47% من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي، كما واعلن التقرير عن معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية 15-24 سنة 52.1%.