أوجد جلالة الملك عبد الله الثاني للقضية الفلسطينية مساحة واسعة في مقدّمة الأحداث الاقليمية والدولية، في وقت غاية في الأهمية تحتاج به فلسطين لأن تجد من يدفع بها لواجهة الاهتمام لما تعانيه من انتهاكات اسرائيلية مستمرة على الفلسطينيين وعلى المقدسات وتحديدا في مدينة القدس المحتلة، وكذلك في فترة زمنية قبل حلول شهر رمضان المبارك حيث يبحث الفلسطينيون عن حرية دينية في أداء صلاتهم وقيامهم دون أي انتهاكات واعتداءات واقتحامات استفزازية تحت حراسة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
حال فلسطيني يكرر نفسه يوما، وانتهاكات هي الأقسى والأعنف يعيشها الشعب الفلسطيني، دون تحريك ساكن أي ردة فعل عربية أو دولية، ليأتي جلالة الملك ويضع القضية بكافة تفاصيلها تحت مجهر الاهتمام، مقدّما للعالم نداء بضرورة النظر الى القضية الفلسطينية وحماية الحق الفلسطيني بعين الاهتمام مع التأكيد على «أن المنطقة لا يمكنها أن تنعم بالأمن والاستقرار من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، فهذه الثوابت الأردنية التي طالما أكد عليها جلالة الملك وصولا لإحلال السلام ليس فقط على الأراضي الفلسطينية إنما في المنطقة.
رسائل غاية في الأهمية وجهها جلالة الملك عبد الله الثاني خلال زيارته لمدينة رام الله أمس الأول، ولقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، انطلاقا من ركائز في السياسة الأردنية تجاه فلسطين أساسها التنسيق مع الجانب الفلسطيني، والتأكيد على «أن الأردن سيبقى على الدوام مع الأشقاء الفلسطينيين ويقف إلى جانبهم أمام التحديات، داعماً لحقوقهم، حيث قال جلالته خلال الزيارة «نحن والفلسطينيون الأقرب إلى بعض وفي نفس الخندق»، نعم فهما التوأم الأردني الفلسطيني وكلاهما في مركب واحد، وخندق واحد، وعليه فإن الأردن حريص كل الحرص على حماية الحق الفلسطيني ودعم النضال الفلسطيني في حماية المقدسات.
ومن أهم الرسائل التي وجهها جلالة الملك خلال زيارته إلى رام الله الحرص الأردني بقيادة جلالته على الوصاية الهاشمية على المقدسات في مدينة القدس المحتلة، وذلك بالتأكيد على «ضرورة وقف كل الإجراءات الإسرائيلية الأحادية وخاصة في القدس والحرم القدسي الشريف، التي تعيق فرص تحقيق السلام الشامل والدائم، «الذي هو هدفنا جميعاً حتى تعيش الدولة الفلسطينية المستقلة بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل»، الى جانب تأكيدات جلالته على «أن الأردن مستمر في بذل كل الجهود للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم بالقدس، وحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات»، فهو الدور الأردني التاريخي الذي لن يتخلى عنه ويجدده في كل مناسبة، فكانت الرسالة الأردنية واضحة من جلالته لتنطلق من رام الله هذه المرة بصوت حاسم وحازم، فهو الصوت الأردني الذي يؤكد على أنه حامي المقدسات عملا لا قولا.
رسائل بحجم التحديات التي يواجهها الفلسطينيون، وصوت أردني وضع فلسطين مكانها الذي يجعلها حاضرة بتفاصيلها كاملة أمام العالم، حيث شدد جلالته «على أهمية أن تحظى القضية الفلسطينية بالزخم المطلوب دولياً وألا تقلل أية أزمات مستجدة من حضورها على الساحة العالمية»، واضعا جلالته هذه القضية التي لم تعد أولوية عند غالبية دول العالم أمام عين الحقيقة ليعيدها إلى واجهة الحدث عربيا ودوليا مهما تعددت الأزمات المستجدة، كونها قضية مركزية وفي حلّها مفتاح لسلام شامل وعادل يعمّ العالم، موجها بالوقت ذاته رسالة أن رمضان يجب أن يكون آمنا للمصلين في المسجد الأقصى دون أي انتهاكات، رسائل وجهها جلالته بوضوح وبشفافية و»بوحدة حال» أردنية فلسطينية فهما في خندق واحد.