يبدو أن موضوع الثقافة الاستهلاكية خلال شهر رمضان وقبله بفترة زمنية بسيطة، والإقبال الكبير على التسوّق وشراء المواد التموينية بكميات كبيرة، وموضوع غلاء الأسعار أو تعمّد بعض التجار لرفعها، يضاف لهما موضوع الأمن الغذائي، أصبحت متلازمة تكرر ذاتها سنويا، ليضاف لها هذا العام الحرب الروسية الأوكرانية، وربطها بالأسعار وتوفير بعض السلع، لتتكرر بتفاصيل سلبية وسلوكيات مرفوضة من قبل البعض، خلال هذا الموسم الذي يجب أن تسوده أجواء الرحمة والإيثار وليس العكس.
ويمكن لأيّ منّا أن يلحظ بمجرد جولة بسيطة في الأسواق الإقبال الكبير على شراء بعض المواد التموينية علما بأنها متوفرة وبكثافة، اضافة إلى أنه يتم شراؤها بكميات أكبر بكثير من حاجة أي أسرة، يرافق هذا الإقبال للأسف ارتفاع بأسعار بعض السلع من قبل بعض التجار، لثقته بأن السعر لن يؤثرعلى القوة الشرائية خلال هذه الفترة التي يتسابق بها المواطنون على الشراء، والجديد هذا العام ما بتنا نسمعه من البعض بقلق تجاه الأمن الغذائي، والخوف من نقص بعض المنتجات والسلع، أو عدم توفرها في السوق المحلية، بروح سلبية تدفع الكثيرين لشراء ما يفوق حاجتهم وحاجة أسرهم .
الحكومة وبدور ايجابي وغاية في الأهمية، وبلغة واضحة وحاسمة أكدت أن الوضع الغذائي آمن، ولا يوجد أي اشكاليات بأي سلعة أو نقص بها، أو عدم توفّرها، وفي الوقت نفسه حذّرت من رفع الأسعار لكافة السلع والخضروات، واضعة حدّا لأي تجاوزات بهذا الشأن، ومؤكدة أن لا مشكلة بالمطلق فيما يخص الأمن الغذائي، فكل الاحتياجات بما فيها مخزون القمح والشعير متوفرة وبما يكفي لفترات زمنية طويلة، ولا قلق مطلقا بهذا الخصوص.
رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أكد في أكثر من مناسبة على الوضع الآمن للمملكة فيما يخص المواد الغذائية، اضافة إلى حسمه لموضوع الأسعار، ومراقبة الأسواق، وعدم تأثّر الأردن بالأزمة الروسية الأوكرانية «غذائيا» تحديدا، والتي كان أحدثها أمس الأول خلال استضافته في لقاء حواري مع منتدى الاستراتيجيَّات الأردني، حيث أكد فيما يخص تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد الأردني، «أن النظرة الاستشرافية لجلالة الملك عبد الله الثاني جعلت الأردن في منأى عن التأثر بالأزمة بحسب تقارير البنك الدولي التي أشارت إلى أن المملكة تعتبر من أكثر الدول قدرة على التعامل معها، مشدداً على أن مخزون المملكة من القمح والشعير يكفي لفترات زمنيَّة طويلة»، حاسما بذلك أي جدل فيما يخص أثر الأزمة على الأردن.
كما شدد الخصاونة على أن «مخزون الأردن الاستراتيجي من السلع الأساسية آمن وكاف لفترات زمنيَّة طويلة، مشيراً إلى دور القطاع الخاص في الاستجابة لمتطلبات الأمن الغذائي في المملكة، ومساهمته في الحد من انعكاس الارتفاع العالمي للأسعار على السوق المحلي»، ومع قرب حلول شهر رمضان المبارك، طمأن أن لدى الأردن مخزونا استراتيجيا آمنا من السِّلع والمواد الغذائيَّة، مشيراً إلى أن القطاع الخاص أدَّى دوراً مهمَّاً ومسؤولاً في هذا الأمر خلال جائحة كورونا ومنذ بدء الأزمة الرّوسيَّة – الأوكرانيَّة»، وبهذه الكلمات الواضحة يمكن القول وبصوت مرتفع لا يوجد ما يبرر ما نعيش من متلازمة باتت تكرر ذاتها سنويا مع قدوم الشهر الفضيل، فالسلع موجودة وبكميات كبيرة ولمدد زمنية طويلة، الأمر الذي يجعل من أي سلوكيات استهلاكية سلبية أو حتى شكّ بعدم وجود سلع ما، مسألة مرفوضة ويجب تجاوزها سيما وأنها غير مبررة.
استمرار ذات المشاهد سنويا قبل حلول شهر رمضان المبارك والاقبال الكبير على شراء سلع مختلفة، أمر بات مرفوضا وتغييره ضرورة ملحّة، وبطبيعة الحال عندما تكون حركة الشراء طبيعية وفي معدلاتها المنطقية لن يكون هناك رفع للأسعار بالمطلق، اضافة الى مساهمة الجميع بتحقيق الأمن الغذائي، فشراء ما هو ضمن الحاجة الطبيعية للأفراد يبقي المشهد الشرائي والغذائي متوازنا ومثاليا.