مكرم أحمد الطراونة - تتعرض الحكومة لانتقادات حادة بسبب الفوضى العارمة في الأسواق، وهو ما يعتبره المواطن ضعفا حكوميا في آليات ضبط الأسواق وانفلات الأسعار. صحيح أن ارتفاع أسعار بعض السلع له ما يبرره، لكن هناك الكثير منها يخضع سعره لمزاجية التجار واستغلالهم للظروف الحالية.
هناك معركة تدور بالخفاء بين الحكومة وبعض التجار، بهدف محاولة ضبط السقوف السعرية، كان من أبرز نتائجها أن ذهب تجار إلى تخزين بعض المواد وعدم طرحها في الأسواق في محاولة منهم للضغط على الجهات الرسمية لاعتماد الأسعار التي تناسبهم. ما يسجل للحكومة حقيقة أنها لم تخضع لهذا الابتزاز.
الحكومة، أيضا، لم تقم بدورها بشكل مثالي في ضبط الأسواق، وتشديد الإجراءات، ومحاسبة المخالفين، ولم تصل لمرحلة السيطرة الكاملة على جميع التحديات التي تشهدها الأسواق وتقصم ظهر المواطن، إذ يبدو أنها تعاني من عدم قدرة على توفير الإمكانيات اللازمة لذلك. لكن المنطق يقول إن هذه المعركة يجب أن لا تكون معركة الحكومة فقط، إذ لا بد من دور مؤثر للمواطن تجاه الضغط على التجار، خصوصا أنه من يدفع الثمن جراء اضطراره إلى الشراء في ظل أسعار غير منطقية وغير مقبولة، ولا تبرير لها.
مرة أخرى أقول، إن الخاسر الوحيد من كل ذلك هو المواطن الذي يئن تحت وطأة أعباء مالية إضافية فرضتها عليه معادلة السوق، وهو، في الوقت ذاته، يحمّل الحكومة المسؤولية التامة عن ذلك.
في المقابل، نحن لا نسمع من الحكومة سوى تصريحات عامة، فقبل أكثر من أسبوعين أكد رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة أن الحكومة لن تسمح لأحد بأن يتلاعب أو يتجاوز على قوت المواطن. الجميع يعلم أن هذا الأمر حدث ويحدث حتى اللحظة، وهو مرشح إلى التواصل ما لم يثبت الرئيس غير ذلك.
رمضان يمضي واحتياجات الناس في تزايد، فيما الأوضاع على ما هي عليه. نقدر تداعيات الطقس، والحرب الأوكرانية، والارتفاعات العالمية في الأسعار، لكن لا يمكن إخفاء حقيقة أن هناك مبالغة في أثمان بعض السلع على مرأى الحكومة ومسمعها من دون أن تحول دون ذلك.
اليوم نحتاج من الوزراء المعنيين الخروج بمؤتمر صحفي موسع، يقدمون فيه شرحا مفصلا يجيب عن تساؤلات تجول في عقول الناس، أولها هل الحكومة قادرة فعليا على السيطرة الكاملة على السقوف السعرية المحددة من قبلها؟ ما هي الإجراءات التي اتخذتها؟ ما هو حجم الغرامات التي فرضتها على المتلاعبين بقوت الناس؟ متى ستعود الأسعار إلى وضعها الطبيعي، وكيف؟ نريد أن نقنع كمواطنين بأداء الحكومة في هذا السياق!
الأردني يريد من يقنعه بسلامة الإجراءات الحكومية وشموليتها، وبأنها تفعل شيئا على أرض الواقع، وليس فقط إطلاق التصريحات أمام كاميرات الإعلام. المطلوب أن تصرح الحكومة بصدق وشفافية عن السلع التي ارتفعت أسعارها جراء تداعيات الأوضاع المحلية والدولية، وتلك التي تشهد تلاعبا من التجار. عندها سيكون المواطن قادرا على تحديد هوية خصومه الحقيقيين.