وصلني فيديو قام بتركيبه شخص مريض، يعتقد بأن الدولة ومؤسساتها وشعبها مدرسة ابتدائية في قرية منسية.. الى الدرجة التي تجعل تافها مثل مخرج او منتج الفيديو والراوي فيه، يعتقد بأنه بهذه السخافات يهزّ الكون، ولست أتحدث ردا على الفيديو، بل اتحدث عنه باعتباره مثالا على تغييب الضمير والمنطق والعقل أيضا..
يعرض الفيديو موقفا، يزعم الراوي في بدايته بأنه حدث اليوم او اليومين الماضيين، حيث يقوم شاب ما بإلقاء «شوية ثوم في حاوية» ويعلق المعلق: ب»لا حول ولا قوة الا بالله»و «حسبنا الله ونعم الوكيل»، ويقول هؤلاء تجار خضار في السوق المركزي، يلقون بالخضار في الحاويات، ويرفضوا أن يقوموا بتخفيض السعر على المواطن..! ويخاطب ادارة السوق المركزي التابع لأمانة عمان، وكذلك يخاطب غرفة التجارة، بأن يعاقبوا التجار الذين يدعي المريض بأنهم يتلفون خضارهم انتقاما من المواطنين ويضحوا بمالهم لحرمان الناس من شراء الخضار بأسعار معقولة.. «سواليف هبايل».
قول وغير يا زلمه.. مين اللي اتلف بضاعة في حسبة ليحرم المواطن من شرائها بسعر مناسب؟ من أين أحضرت ذلك المشهد، وهل تمت فبركته لتصويره أم حقا هناك شخص مريض يتلف ماله، لحرمان الناس من التمكن من شرائه؟ لم أسمع أن الشيطان تاجر خضار.. «يخرب بيت الشيطان شو صاير تافه».
لو حدث مثل هذا الموقف فعلا، فتعالوا نثبت بطلانه و»هبل» من قام به:
الثوم؛ منتج كان من محاصيل العجز في الأردن، وقبل سنوات قامت وزارة الزراعة بحثّ وتحفيز كثير من المزارعين وتشجيعهم لزراعته، وثمة ارقام وكميات منتجة محليا من هذا المحصول في العامين الأخيرين، وقد «استرخص» بعض المزارعين تقاوى الثوم العام الماضي، فاشتروها أو تم خداعهم لشرائها، فنبتت، وانتجوا ثوما بكميات وفيرة، لكنه انعطب سريعا، وكان هناك نقص عالمي حاد في الثوم العام الماضي، وأصبح محصولا نادرا، وأسعاره مرتفعة في الخارج، لكنه استقر هذه الأيام، بعد أن نضج محصولنا المحلي، وهو معروض في الأسواق وعلى جوانب الشوارع (بعروقه)، وبسعر بين دينار ودينار ونصف للكيلو، وهو سعر رخيص جدا مقارنة بسعره على امتدا العام الماضي، حيث لم يقل سعر الكيلو منه عن 4 دنانير، فمن يعتبر أن سعر دينار ودينار ونصف لكيلو الثوم (الأخضر) سعرا مرتفعا، ويطالب التجار بتخفيض سعره ؟!..
اذا وبناء على هذه المادة او السلعة التي يدعي من فبرك الفيديو بأن تاجرا يرميها بالحاوية، حقدا وحسدا ورفضا منه تخفيض سعر الكيلو منها عن الدينار، هو ادعاء غير منطقي وغير مفهوم وغير سويّ (ومش راكب على تفكير المتشائمين قبل المتوازنين والأسوياء).
وفي الفيديو مشهد لمزارعين يقوموا بإلقاء البندورة واتلافها، وهذا موقف تم «توليفه» عام 2019 حين كان ربع دينار سعر صندوق البندورة الذي يتسع ل (10 - 12) كيلو بربع دينار، مما دفع ببعضهم لاتلاف محصولهم آنذاك بسبب تدني أسعارها وليس رفض تخفيض أسعارها، كما يدعي التافه في ذلك الفيديو.
هذا الفيديو ومن قام بتركيبه، وتوزيعه على (عالم ما بتقرا ورق ولا بتفهم كلام ولا ارقام)، هو جريمة مؤسفة، تنبىء عن مرض استفحل في بعض العقول، ويجب أن يتم البحث عمن فبركه، وعرضه على طبيب نفسي، ويجب أن تتم تنقية الفضاء الالكتروني من أمثال هؤلاء، فهم يشكلون وشاية عن مرض نفسي وعقلي يجب مداواته، فهو يتعارض حتى مع نظريات التضليل وبث الإشاعة.
استأصلوا هذا «الهبل» قبل أن يكبر ويتكاثر.. ولا حول ولا قوة الا بالله.