الملك الشريف عبدالله الثاني بن الحسين، سليل عائلة حاكمة، أسسّت عروشا في الحجاز والعراق وسوريا، والأردن هو درة عروشها، وحكم الهاشميين للأردن لم يسبقه إليهم أحد من حيث البناء والازدهار والتحديات التي واجهتهم فيه وواجهت الأردنيين معهم، وعلى راسها التحدي الإسرائيلي واحتلال فلسطين التي كانت جزءا من الدولة الأردنية لعقود عدة، وما زالت فلسطين قضيتنا الأهم، وهو تاربخ غير مسبوق في البناء والازدهار في اقليم ملتهب.
حقبة التاريخ الهاشمي الأردني متصلة بحقب ماضية وتاريخ راهن وكيانات عربية ومشروع نهضوي عربي قاده شريف مكة وملك العرب الحسين بن علي، والهاشميون أهل الحجاز الشريف لزمن كبير وفيه إمارتهم ووملكتهم التي انتهت عام ١٩٢٤، وهم سدنة بيته وأهل الرفادة والسقاية، تلك قصة أخرى طويله أسسها قصي بن كلاب الذي بنى دولة مدينية ظلت علائمها قائمة حتى جاءت النبوة المحمدية لتدخل العرب زمن الإسلام.
قصي بن كلاب قيل أنه سمي بذلك لأنه هجر أخواله القاطنين بين جنوب الاردن وتبوك، واوغل جنوبا وأسس مملكته بعد أن رأى انهيار مملكتين عربيتين امام اعينه وهما الانباط وتدمر بفعل عامل الغزو الخارجي الروماني. وقصي بن كلاب بن مرة ( 400-480م ) هو الجد الثاني لشيبة بن هاشم المشهور باسم عبد المطلب، وهو الجد الرابع للنبي محمد، والملك عبدالله الثاني بن الحسين بن طلال بن عبد الله بن الحسين بن علي العوني العبدلي القتادي الحسني العلوي الهاشمي القُرشي هو اليوم اقدم الحكام العرب الأحياء يليه في الأقدمية ملك البحرين.
غادر الملك عبدالله الأسبوع الماضي بسبب شدة المرض عليه جراء «الديسك» ، عرف الأردنيون كما عرف اهل بيته، الذين تصرفوا كما تتصرف أي عائلة، فجلالة الملكة وشقيقتيه ذهبن للعمرة وتمنينَ السلامة للملك والتحقت به الملكة لاحقا، وولي العهد الامير الحسين حفظه الله الذي هو نائب الملك، داوم على إدارة المُلك وتابع زياراته للمؤسسات وتواصله مع الناس والانخراط في الهم اليومي.
معنى ذلك أن الأردن بلد مؤسسات، وصحة الملك أمر شاركنا فيها إعلام الملك خبراً كما يعرف أهله وخاصته، وهو امر قلما يحدث في دول العالم الثالث، وهذا نهج أسسه الراحل الكبير الملك الحسين حين كان يمرض، وجلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني على نهج الأب والاجداد.
الملك عبدالله هو الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، والملك عبدالله حاكم، يحكم الاخلاق في السياسة، فهو حاكم نبيل تعلم الحكم وعركته الحياة في مدرسة الخلق الهاشمي، وحين يقول السفير السعودي مشكورا أن الأردنيين يحبون ملكهم حباً جارفا، فهذا صحيح، فهو سيد الدار وأب الفقراء ووالد الايتام، ورفيق السلاح والأب والأخ، وملك الاخلاق الذي لم يغلق بابه عن الناس وكل معوز وطالب حاجة.
مليكنا هو ابن الزمن الأردني الخالص وفاء للعروبة ولفلسطين، وهو ابن المروءة العربية الهاشمية ومن ذؤابة العرب واخيرهم في الناس نسباً وحسباً، فسلام الله عليك جلالة الملك، وصلى الله على نبينا محمد العربي الهاشمي خاتم الأنبياء والمرسلين.