زاد الاردن الاخباري -
بعد فشل القوات الروسية في الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية، كييف، أعادت موسكو توجيه أنظارها نحو شرق البلاد، حيث يقاتل انفصاليون موالون لروسيا منذ سنوات.
وبعد أسابيع على بدء الحرب سحبت روسيا قواتها وأسلحتها من عدة مدن في أوكرانيا، وأعادت تمركزها شرقي البلاد. فما الذي دفع موسكو للتخلي عن كييف والتركيز على مناطق الانفصاليين الموالين لها؟.
وفق تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" واجهت موسكو أسوأ مخاوفها وهي على مقربة من كييف، حيث لم تستطع القوات الروسية التقدم بسبب "سوء التخطيط ونقص خطير في الإمدادات"، ناهيك عن افتقار الروس لقوات كافية حينها من أجل دخول العاصمة التي يسكنها نحو ثلاثة ملايين نسمة.
وبدأت روسيا سحب قواتها من قرب كييف في أواخر مارس، وأرسلت بعض قواتها شمالا إلى بيلاروس، وإلى منطقة دونباس شرقي أوكرانيا.
وسيسمح استيلاء الروس على دونباس في الشرق الأوكراني بتعزيز مكاسبهم في المنطقة عبر ربط دونباس التي يسيطر عليها جزئيا الانفصاليون الموالون لروسيا منذ 2014، بشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في السنة نفسها.
وقال سكوت بوسطن، كبير محللي الدفاع في "راند كورب" للصحيفة إن "هناك كثيرا من التضاريس التي كانت ستحتاج روسيا إلى تغطيتها، والقوات القتالية الروسية التي كانت موجودة قرب كييف كانت من المشاة".
ولفت بوسطن إلى أن مساحة كييف لوحدها أكثر من 300 ميلا مربعا، أي أنها ضعفا مساحة العاصمة الأميركية واشنطن.
وأوضح أن "نهر دنيبر يقسم كييف إلى ما يشبه مدينتين كبيرتين، حيث يمكن أن تدعم كل منهما الأخرى عبر النهر"، مضيفا أن الأوكرانيين سيطروا على جغرافيا المدينة بتدمير الجسور قربها، ناهيك عن أن فياضانات غمرت بعض المناطق أعاقت التقدم الروسي.
وحدد التقرير أبرز النقاط التي تسببت في فشل القوات الروسية بالاستيلاء على العاصمة، وأولها "الفشل" في احتلال مطار أنتونوف في وقت مبكر، وهو ما أضاع عليهم فرصة إنشاء قاعدة لجلب مزيد من المعدات والإمدادات، ورغم سيطرتهم عليه في مرحلة لاحقة، لكن القوات الروسية كانت غارقة في معارك ضارية.
حرب المدن
القوات الأوكرانية تحضرت جيدا للدفاع عن كييف
القوات الأوكرانية تحضرت جيدا للدفاع عن كييف
واستطاعت جغرافيا كييف منح الأوكرانيين ميزة مكنتهم من بناء دفاعاتهم واستخدامها لخوض "معارك حضرية" أو معارك مدن، والتي تبين فيما بعد أن موسكو لم تكن مستعدة لها.
ونقلت الصحيفة عن خبراء قولهم إن احتلال كييف، كان سيعني حربا في المدن، وهو ما تحضرت له القوات الأوكرانية بشكل جيد.
وللاستيلاء على مدينة بالقوة، يستخدم الجيش المهاجم المشاة والدروع، ويدعم كل منهما الآخر في ما يعرف بعمليات الأسلحة المشتركة، حيث يتقدمان شارعا بعد شارع، كما يمكن استخدام الطائرات المسيرة من أجل مهاجمة المدافعين الموجودين على أسطح المباني.
نقاط الدفاع
القوات الروسية لم تكن قادرة على محاصرة كييف
القوات الروسية لم تكن قادرة على محاصرة كييف
ويستغل المدافعون مواقعهم لإضعاف العدو، باستخدام الأسلحة قصيرة المدى المضادة للدبابات التي يستخدمها المشاة للتغطية.
ومنحت مباني المدينة "غطاء للمراقبة والهجوم"، فاستخدمت مباني البنوك والمنشآت الحكومية كنقاط للدفاع، خاصة تلك المنشآت التي توافر نقاط تمركز مرتفعة، وفق التقرير.
واستطاع الأوكرانيون استغلال المساحات المتوفر تحت الأرض في كييف، مثل أنفاق الصيانة والمترو، من أجل تخزين الإمدادات والحماية من الهجمات الجوية، وحتى إتاحة الحركة بعيدا عن أعين العدو.
ولم تستطع روسيا اتباع تكتيكات الحصار مع كييف، كما فعلت بمحاصرة وقصف مدينة ماريوبول وتشيرنيهيف، خاصة وأن تطويق المدن وعزلها وقصفها يتطلب قوة بشرية ومعدات أقل من حرب المدن.
وأصبحت ماريوبول الساحلية الاستراتيجية مدمرة بعد 50 يوما على ما تطلق عليها موسكو "العملية العسكرية الخاصة" الروسية في أوكرانيا.
وعلى الأرض حاليا، توعدت موسكو الجمعة بتكثيف الهجمات الصاروخية على كييف ردا على ما قالت إنها طلعات جوية أوكرانية عابرة لحدودها، غداة غرق بارجتها "موسكفا" في البحر الأسود.
واستهدف قصف روسي ليلا مصنعا في منطقة كييف لتصنيع صواريخ "نبتون" التي قال الجيش الأوكراني إنه استخدمها لضرب الطراد الروسي موسكفا، كما أفاد صحفيون في وكالة فرانس برس كانوا في المكان.
وكانت روسيا أعلنت في وقت سابق أنها استخدمت صواريخ بعيدة المدى من طراز كاليبر لضرب المصنع الذي تقول شركة تصنيع الأسلحة الحكومية الأوكرانية أوكروبورونبروم إنه ينتج صواريخ "نبتون".
وغرقت البارجة الروسية "موسكفا" في البحر الأسود، الخميس، بسبب حريق عرضي حسب موسكو وبعد إصابتها بصاروخ أوكراني بحسب كييف، في انتكاسة كبيرة لروسيا تثير مخاوف من تصاعد النزاع بينما تتهم موسكو كييف بقصف قرى على أراضيها.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن "عدد الضربات الصاروخية ضد أهداف في كييف ونطاقها سيزداد ردا على أي هجمات إرهابية أو تخريب يرتكبها النظام القومي لكييف على الأراضي الروسية".