يرغب رئيس الوزراء في تجاهل بوادر الازمة الحالية والتعامي عن جميع الاصوات المطالبة برحيل حكومة باتت صناعة الازمات وترحيلها من وظائفها الرئيسية وادوارها المفضلة حين يعتقد البخيت بان اجراء التعديل الطاريء على حكومته التي تتداعى يوماً بيوم هو الحل الانسب والوصفة السحرية لاطالة عمر حكومته والقيام بمسرحية الهاء للرأي العام الذي مّل من تكرار نفس السيناريو الاردني الباهت في كل حكومة تعاقبت على ابناء الوطن , ورغم تنامي الطموحات الشعبية في وجود حكومات وطنية تمثل الوطن وارتفاع سقف المطالب الوطنية بعد الربيع العربي الا اننا ما زلنا بالاردن ننحدر صوب الماضي والعقلية البلدية في ادارة شؤون الدولة طالما ان مبدأ التوزيع الجغرافي والمحاصصة هو من يشكل ملامح الحكومات السابقة والحكومة الحالية .
تثبت لنا الحكومة الحالية عجزها الواضح والمتكرر في أدارة الازمات وتذويبها حين تلجأ للتصرف كردات فعل وتحاكي اسلوب الفزعة في التعاطي مع الشأن العام واحتواء الازمات الشعبية المتنامية والتي طالبت مراراً وتكراراً برحيل الحكومة ومجلس النواب , والنظرة البسيطة للتعديل الوزاري الاخير على حكومة البخيت والذي جاء على طريقة ( الترقيع الحكومي ) يثبت لكل مواطن يغّلب مصلحة الوطن بان التعديل الاخير جاء من باب توزيع الغنائم ومصارف الرضاوات لجميع الوزراء الجدد او كنوع من تطييب الخواطر لجميع العشائر التي ينتمون لها والتي نُكّن لها كل معاني التقدير والاحترام لكن مدار الرفض المنطقي للتعديل الاخير جاء لايقاف نمطية التعامل الرسمي الاردني في الادارة الحكومية وتوزيع الوزارات على سين وصاد كتوزيع الغنائم في حرب كان الوطن هو الخاسر الاكبر فيها قديماً وحديثاً لتبعاتها الرديئة وانعكاساتها على مصالح ابناء الوطن كنتيجة منطقية لاختيار الرجل الغير مناسب في المكان غير المناسب لاسباب المحاصصة والرضاوة وكسب الود وافتقار ذلك لأي مصلحة تضع مصلحة الوطن اولاً واخيراً .
توزيع حقيبة الداخلية على وزير قضى معظم حياته الوظيفية في ديوان الخدمة المدنية يعطي عدة مؤشرات أولها استمرار اصحاب القرار في تجاهل اصحاب الحق الوظيفي في نفس الوزارة من الارتقاء في السلم الوظيفي وجعل وظائف الصف الاول تخضع لنظرية ان الوزير منصب سياسي وليس اداري في حين اثبتت التجارب المتعاقبة بان أغلب الوزراء السياسيين فشلوا سياسياً وادارياً في وزارات جاءوا اليها بالانزال المظلي وثانيها ان تعيين أحد ابناء السلط في وزارة الداخلية سوف يسهم في احتواء الازمة التي خلفتها قضية الكازينو وتطييب الخواطر بعد ادعاءات البعض المغرضة بان اهل السلط مستهدفون , ولا يوجد اي تفسير منطقي غير ذلك يفسر لنا بشكل مقنع كيف يؤتى بوزير من تطوير القطاع العام ليدير حقيبة الداخلية في هذا الشكل والوقت والظرف !! , وما ورد سابقاً يصلح للاستدلال على طريقة وسبب تعيين نائب رئيس الوزراء من محافظة معان بعد خروج وزير من نفس المحافظة وتعيين الوزير السابق في حكومة دبي كابيتال كوزيراً للعدل في التعديل الاخير بعد الاحتجاجات الشعبية التي اعقبت استقالة الوزير الحسبان والذي ينتمي لنفس عائلة الوزير الجديد التي نحترمها وتقدرها وتعيين وزير الصحة من نفس عائلة الوزير المستقيل طاهر العدوان .
لم يأتي التعديل الأخير بشيء يستحق الثناء ويخدم مسيرة الوطن بشكل حقيقي وستبقى كل حكومة تأتي تلعن سابقتها ويبقى التخبط والارتجالية عنوان مرحلة اسمها الحكومات اللاوطنية في وقتٍ قطعت فيه دول العالم اشواطاً في الديموقراطية والحكومات البرلمانية ومجالس النواب الحزبية وبقينا نحن نراوح مكاننا معتقدين بان مجرد تعيين الوزراء على اساس الجغرافيا هو الحل الانجع لتجاوز الاحتجاجات الشعبية التي اسهمت مخرجات التخبط السابقة الذكر وعلاقات المحاصصة السياسية في اذكاءها لصعوبة تجاوز آثارها السلبية على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لدينا .
قد يعتقد البعض بان وجهة النظر السابقة أتت للانتقاص من دور العشيرة او الغاء وجودها او تحجيمها وهو الأمر الذي انأى بنفسي عن اقترافه اعترافاً مني بدور العشيرة في بناء الوطن شأنها شأن جميع ابناء الوطن المخلصين باختلاف الاصول والاعراق حين يجعلون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وفوق كل العلاقات الضيقة مقارنةً مع حجم الوطن .
Majali78@hotmail.com