رأي الناس بشأن الأحزاب ليس غريبا ولا مفاجئا ولا ننظر الى نتائج استطلاع مركز الدرسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ككارثة للعمل الحزبي. ثم أن مفهوم الأحزاب والعمل السياسي بل والمفهوم القديم للديمقراطية والمشاركة هو قيد المراجعة في ظل الثورة الصناعية الرابعة أو ثورة المعلوماتية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي. وهذا مسار مستقبلي له حديث آخر، لكن لنبق عند بعض ارقام الاستطلاع وعلاقتها بالوضع الراهن..
هناك نسبة 1 ٪ فقط يفكرون بالانتساب لحزب سياسي: هذه النسبة عادية واذا رجعنا لنسبة أعضاء الأحزاب في أي بلد ديمقراطي فهم بالعادة يراوحون بين 1 الى 3 ٪ من الأفراد البالغين. فالأحزاب تضم النشطاء المهتمين والقاعدة الحزبية لا تشكل بالعادة أكثر من 5 ٪ من القاعدة الانتخابية لأي حزب والقاعدة الانتخابية لجميع الأحزاب لا تصل عادة لأكثر من 50 ٪ من المواطنين في سن الاقتراع. واذا افترضنا ان مليونين من الناخبين سيقترعون في الانتخابات النيابية القادمة في الاردن فيكفي ان يكون هناك 40 الف مواطن حزبي أي 2 ٪ من المقترعين. وحسب إحصاءات وزارة الشؤون السياسية فأعضاء الأحزاب المرخصة من سنوات يزيد عن 30 الف شخص. وليس كثيرا ان يصل عدد أعضاء الأحزاب خلال عام من الآن الى ثلاثة اضعاف هذا العدد، فمفاعيل مشروع تحزيب الانتخابات بالكاد بدأ والأحزاب القائمة او قيد التأسيس ستنشط بقوة خلال الفترة القادمة لأن عدد أعضاء الحزب يجب ان يصل لأكثر من الف شخص للترخيص والتقديرات ان عشرة احزاب على الأقل قد تصل الى هذا العدد.
نسبة 88 ٪ يرون ان الأحزاب كانت فاشلة: الأحزاب لم تكن تدير الحكومات أو أي مرفق في البلد حتى نحكم على أدائها؟ أي ان الفشل هو ابتداء في عدم تمكن الأحزاب في ممارسة أي دور لأن الحياة السياسية والانتخابات والنيابية كانت تقوم على أساس فردي شخص وليس حزبي وبالتالي فإن تقييم الأحزاب خلال الفترة الماضية لا معنى له الا كجزء من تقييم الحياة العامة والسياسات المعتمدة التي نتوجه أصلا لتغييرها لأنها فشلت في تمكين الحياة السياسية الحزبية.
نسبة 74 ٪ لا يشعرون بالقرب الفكري لأي من الاتجاهات والتيارات السياسية الموجودة: وهذا اكثر من طبيعي لأن قلة من المواطنين تكون مؤدلجة ولديها انحياز فكري معين ولنلاحظ ان الأقلية التي حددت توجهها الفكري توزعت بين إسلامي وقومي ووطني! لاحظوا؟! انها التيارات الايدولوجية القديمة التي كان يتوزع عليها كبار السن. وهذا التوزيع الايدولوجي ينتمي للماضي والقادم هو التيارات السياسية – الفكرية - البرامجية التي تتوزع على رؤية معينة للخيارات الاقتصادية – الاجتماعية – الثقافية وحتى هذه ستقتصر على النخب بينما الجمهور سينحاز مرة لحزب ومرة لآخر وفقا لما يعتقده المصلحة والخيار الأفضل.
لكنّ هناك رقما إيجابيا لافتا يستحق التنويه فحول أسباب عدم الانضمام للأحزاب قال 5 ٪ فقط انه الخوف من الأجهزة الأمنية ! اذن هذا البعبع القابع داخل المواطن لم يعد قائما ويوشك على الانقراض أما بقية الأسباب فهي مفهومة وعادية مثل عدم الاهتمام أو عدم الاطلاع أو عدم وجود الحزب المناسب. ومن الآن وحتى موعد الانتخابات القادمة سيكون الاهتمام اكثر والاطلاع افضل مع وجود 30 ٪ من المقاعد للمنافسة بين الأحزاب ترتفع اكثر في كل انتخابات لاحقة.