زاد الاردن الاخباري -
منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير، أصدر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين أوامر بزيادة مستوى التأهب للقوات النووية الروسية ووجه تهديدات نووية مبطنة باستهداف أوكرانيا أو من يساعدها من الدول الغربية.
وبعد نحو شهرين من الغزو، لم يحقق بوتين أية أهداف حاسمة، فيما أثار قادة أوكرانيون وغربيون مخاوف من أن "اليأس" قد يدفع بوتين إلى استخدام ما يعرف بـ"السلاح النووي التكتيكي"، أو السلاح النووي محدود التأثير.
بدأ مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، التحذيرات مؤخرا من أنه "نظرا إلى إمكان إصابة الرئيس بوتين والقيادة الروسية بيأس محتمل، وإلى الانتكاسات العسكرية التي يواجهونها حتى الآن، لا يمكن لأي منا التعامل باستخفاف مع التهديد الذي يمثله اللجوء المحتمل إلى أسلحة نووية تكتيكية أو أسلحة نووية منخفضة القوة".
وتقلق التصرفات الروسية الولايات المتحدة "بعمق"، حيث تعمل واشنطن على تجنب حرب عالمية ثالثة "وتجنب العتبة التي يصبح فيها الصراع النووي ممكنا"، بحسب بيرنز.
قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، إن فشل روسيا في تحقيق انتصار عسكري في أوكرانيا قد يدفع الرئيس فلاديمير بوتين، لإصدار أمر باستخدام سلاح نووي تكتيكي أو منخفض القوة، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
وبعد يوم من تحذيرات بيرنز، أطلق الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، تحذيرات مماثلة، حيث قال السبت، إن على "جميع دول العالم أن تكون مستعدة لاحتمال أن يستخدم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أسلحة نووية تكتيكية في حربه على أوكرانيا".
وأشار إلى أن الروس يمكن أن يستخدموا الأسلحة الكيماوية لأنه "بالنسبة لهم حياة الناس لا شيء، ولهذا السبب، يجب ألا نخاف، ولن نخاف، بل سنكون مستعدين".
ما هو السلاح النووي "التكتيكي" بالضبط؟
بشكل عام، يمثل السلاح النووي جهازا متفجرا يقوم بإطلاق شحنة تدميرية هائلة قادرة على "فصل نواة الذرة" من شدتها، وتترك مخلفات نووية مشعة في مكان التفجير يمكن أن تستمر بالإضرار بالكائنات الحية لعقود.
وبالإضافة إلى الحجم الهائل للانفجار، وكون سلاحا نوويا متوسطا قادرا على أن "يمحو أجزاء من مدينة أو مدينة بأكملها في ثوان"، فإن التداعيات الإشعاعية طويلة الأمد، والتي تنتشر لكيلومترات عديدة وتبقى في التربة والمياه لعقود، هي أثر آخر لا يقل تدميرا عن الانفجار.
على سبيل المثال، تستطيع قنبلة B61 الأميركية إطلاق من 0.3 إلى 50 كيلوطن من الطاقة المتفجرة، مقارنة، مع قنبلة هيروشيما التي أرسلت 15 كيلوطن.
ووفقا لموقع "مبادرة الخطر النووي" NTI إن الأسلحة النووية التكتيكية (غير الاستراتيجية) تعني عادة الأسلحة قصيرة المدى، بما في ذلك الصواريخ الأرضية التي يقل مداها عن 500 كم (حوالي 300 ميل) والأسلحة التي تطلق من الجو والبحر والتي يقل مداها عن 600 كم (حوالي 400 ميل).
ويضيف الموقع "في بعض النواحي، تعتبر الأسلحة النووية العابرة للحدود أخطر من الأسلحة الاستراتيجية، حيث أن صغر حجمها، وضعفها أمام السرقة، وسهولة استخدامها المتصورة تجعل من وجود الأسلحة النووية العابرة للحدود في الترسانات الوطنية خطرا على الأمن العالمي.
كما أن التصور الجديد لقابلية استخدام الأسلحة النووية في كل من روسيا والولايات المتحدة، وإن كان لأسباب مختلفة، يمكن أن يخلق سابقة خطيرة للبلدان الأخرى.
وبدأت الولايات المتحدة في تطوير رؤوس حربية نووية خفيفة الوزن في 1950s.
واحدة من أولى هذه الأجهزة كانت الرأس الحربي W-54، الذي تراوحت قوته المتفجرة من 0.1 إلى 1 كيلوطن.
و1 كيلو طن هي قوة تفجير تساوي 1000 طن من TNT.
واستطاع الأميركيون إطلاق الرأس الحربي W-54 من قاذفة صواريخ قصيرة المدى يمكن لجندي واحد إطلاقها، بحسب موقع Britanica.
وتمتلك روسيا نحو 4500 رأس حربي نووي كبير في ترسانتها، وأيضا تمتلك نحو 2000 سلاح نووي تكتيكي محفوظة في مرافق تخزين في جميع أنحاء البلاد، تم تطويرها لاستخدامها ضد القوات والمنشآت في منطقة صغيرة أو في اشتباك محدود.
ويقول موقع Scientific American إنه يمكن وضع مثل هذه القنابل على نفس الصواريخ قصيرة المدى التي تستخدمها روسيا حاليا لقصف أوكرانيا، مثل صاروخها الباليستي إسكندر الذي يبلغ مداه حوالي 500 كيلومتر.
وبجعل الأسلحة النووية أصغر حجما واستهدافها أكثر دقة، يصبح استخدامها أكثر قابلية للتصديق، بحسب الموقع الذي يقول إنه من المفارقة إنه في حين أن وجود هذه الأسلحة يجعل الردع النووي أكثر مصداقية، فإنه يجعل الأسلحة أيضا أكثر إغراء لاستخدامها كضربة أولية، بدلا من مجرد الانتقام.
يمكن للسلاح النووي التكتيكي أن يطلق نحو 0.3 كيلو طن من الطاقة التدميرية، مقابل 15 كيلو طن أطلقتها قنبلة هيروشيما.
ويقول الموقع إنه "مع ذلك، لا ينبغي لأحد أن يتخيل أنه من المنطقي استخدام سلاح نووي تكتيكي، حيث أن من شأنه أن يحدث أضرارا تتجاوز بكثير الضرر الذي يلحقه المتفجرات التقليدية".
ويضيف أن السلاح "سيسبب كل أهوال هيروشيما، وإن كان ذلك على نطاق أصغر"، ومن شأن السلاح النووي التكتيكي أن ينتج كرة نارية، وموجات صدمة، وإشعاعات قاتلة من شأنها أن تسبب أضرارا صحية طويلة الأجل للناجين. ومن شأن التداعيات المشعة أن تلوث الهواء والتربة والمياه والإمدادات الغذائية.
لماذا يزداد القلق الآن؟
ليست هذه هي المرة الأولى التي يهز فيها بوتين "السيف النووي"، بحسب موقع Scientific American، فقد فعل ذلك في عام 2014 خلال الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم، عندما تحدث القادة الروس علنا عن وضع الأسلحة النووية في حالة تأهب.
وفي عام 2015، هددت روسيا السفن الحربية الدنماركية بالأسلحة النووية في حال انضمت الدنمارك إلى نظام الدفاع الصاروخي التابع لحلف شمال الأطلسي.
ويقول الموقع إن بوتين يحب التلويح بأسلحته النووية كتذكير للغرب (وربما لنفسه) بأن روسيا لا تزال قوة عظمى.
وفي الأزمة الحالية، من الواضح أن بوتن يريد من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطي أن يعرفا أنه إذا تدخل الغرب بالقوة العسكرية نيابة عن أوكرانيا، فقد يصل الصراع إلى استخدام ما يسمى بأسلحته النووية التكتيكية (أو "غير الاستراتيجية").