زاد الاردن الاخباري -
في خطاب ألقاه في أواخر مارس، تحدث الرئيس الأميركي، جو بايدن، بصوت عال عن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قائلا: " لا يمكن لهذا الرجل البقاء في السلطة".
تصريحات بايدن عززت قناعة البعض في واشنطن بأن أبسط طريقة لإنهاء الحرب العدوانية في أوكرانيا هي إنهاء قبضة بوتين على السلطة.
وبعد تصريحات بايدن بفترة غرد السناتور الجمهوري من ولاية كارولينا الجنوبية، ليندسي غراهام، قائلا إن "الطريقة الوحيدة التي ينتهي بها هذا الأمر هي أن يقوم شخص ما في روسيا بإخراج هذا الرجل (بوتين)".
وتقول مجلة Foreign Affairs في تحليل إنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن بوتين يواجه خطرا مباشرا بالاغتيال، كما لا يبدو أن انقلابا أو ثورة شعبية في طريقها إلى الحدوث في أي وقت قريب.
لكن بوتين يبلغ من العمر 69 عاما وربما في حالة صحية سيئة.
وزعم صحفيون استقصائيون من روسيا أن بوتين ربما كان مصابا بسرطان الغدة الدرقية، وفي كل الأحوال، سواء توفي وهو في منصبه، أو أطيح به، أو تخلى عن السلطة عن طيب خاطر، فإن حكم بوتن على روسيا سينتهي بطريقة أو بأخرى.
وستكون لحظة النهاية الحتمية لحكمه لحظة غير مؤكدة المعالم ومحفوفة بالمخاطر على الأرجح بالنسبة لروسيا.
وعلى مدى العقدين الماضيين، تمسك بوتين بالسلطة من خلال إضعاف القواعد والمؤسسات الرسمية للبلاد، مزيلا الهيكل الذي من شأنه أن يضمن انتقالا منظما للسلطة.
ونتيجة لذلك، فإن نطاق السيناريوهات المعقولة لما يمكن أن يحدث إذا توفي أو ترك منصبه أوسع بكثير مما لو كان الموضوع يخص رئيسا أميركيا أو حتى زعيما صينيا.
وعلى الرغم من أن الدستور الروسي ينص على عملية لانتخاب زعيم جديد، فمن الناحية العملية، من المرجح أن يتحدد الرئيس الروسي القادم من خلال صراع خلف الكواليس بين النخب.
وبعبارة أخرى، من خلال بناء نظام استبدادي شخصي للغاية، جعل بوتين من المستحيل التنبؤ بما سيحدث عندما تحين اللحظة الأخيرة.
من وجهة نظر قانونية، من الواضح ما الذي يجب أن يحدث إذا ترك بوتين منصبه بشكل غير متوقع، فوفقا للدستور الروسي، إذا كان الرئيس "غير قادر على الوفاء بواجباته"، يصبح رئيس الوزراء رئيسا بالوكالة لمدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر ليتم تنظيم الانتخابات.
مستشار روسي سابق رجح أن تنعكس قرارات بوتين في أوكرانيا على سلطته
من غير المعروف كيف ستكون طريقة استبدال بوتين
وعلى الرغم من أن روسيا ليست ديمقراطية، إلا أن الانتخابات هناك لا تزال تحمل وزنا إجرائيا رسميا.
وشهدت البلاد ما يقرب من ثلاثة عقود من الانتخابات المنتظمة منذ عام 1993. وتحدد القواعد الانتخابية مسائل مثل التوقيت والإجراءات وطول المدة. ومع ذلك، فهي لا تحدد من يترشح للمنصب، أو من يحصل على دعم الكرملين.
مثل هذه الأمور يحددها بوتين وزمرة صغيرة من النخب من وراء الكواليس.
وعلى مدى السنوات الـ 20 الماضية، أخضع بوتين المؤسسات الرسمية في البلاد، وجعل نفسه مركزا لكل شيء، أعاد كتابة الدستور مرتين، الأولى لتمديد مدة الفترات الرئاسية ثم "لإلغاء" خدمته السابقة حتى يتمكن من البقاء في منصبه حتى عام 2036.
كما أنه خفض قوة مجلسي البرلمان الروسي والمحكمة الدستورية وجعلهما دمى للكرملين، وقام بمضايقة أو حظر أو سجن أو قتل أي مرشح معارض قادر على تحديه.
وفي حال وفاة بوتين أو تركه منصبه بشكل غير متوقع، فإن التحالفات بين النخب ستكون على الأقل بنفس أهمية القواعد الرسمية في تحديد من سيخلفه.
رئيس الوزراء
والسيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يصبح رئيس الوزراء، ميخائيل ميشوستين، رئيسا بالوكالة، كما تملي القواعد الرسمية، وأن يكون أمام مجلس الشيوخ في البرلمان الروسي أسبوعان لتحديد موعد لإجراء انتخابات.
خلال ذلك الوقت، ستجري معركة شرسة خلف الكواليس لتحديد مرشح توافقي من بين اللاعبين الرئيسيين الذين يشكلون فريق بوتين.
وبصفته الرئيس الحالي سيكون لميشوستين ميزة كبيرة في هذا الصراع على الخلافة.
وهو واحد من حفنة صغيرة من السياسيين في الصف الثاني خلف بوتين من حيث الثقة العامة به، حيث كان يتمتع بمعدلات تأييد عالية باستمرار، حتى قبل أن تتسبب الحرب في أوكرانيا في ارتفاع معدلات شعبيته.
ميشوستين هو وافد جديد نسبيا إلى قمم السياسة الروسية، وعينه بوتين رئيسا للوزراء في يناير 2020 ، وكان سابقا رئيسا لدائرة الضرائب الفيدرالية الروسية، وقد تم جلبه للإشراف على القضايا الاقتصادية وتحسين كفاءة الحكومة.
ونقلت المجلة عن تاتيانا ستانوفايا، محللة الشأن الروسي قولها إن ميشوستين "زاد من وزنه السياسي".
وتقول المجلة إن الشيء الوحيد الذي قد يعمل ضد ميشوستين، هو عمره الشاب نسبيا البالغ 56 عاما، والواقع أن الحرس القديم قد يفضل واحدا منهم على رئيس أصغر سنا وربما أكثر طموحا.
لكن على عكس معظم المقربين من بوتين، فهو ليس من قدامى المحاربين في جهاز الاستخبارات السوفييتية (كي جي بي) ولا من مواطني سان بطرسبرج.
وقد يخشى أعضاء كلا المعسكرين النخبويين من أنه سيسعى إلى تآكل سلطتهم وثرواتهم، تماما كما فعل بوتين مع بعض المقربين البارزين من يلتسين بعد توليه السلطة.
ونتيجة لذلك، قد يكافح ميشوستين لتعزيز سلطته.
ميدفيديف قال إن العقيدة النووية الروسية لا تتطلب من دولة معادية إطلاق النار أولا
الرئيس الروسي السابق مديفيديف هو مرشح أيضا للخلاقة
مرشحون آخرون
وفيما من المرجح أن يكون لميشوستين اليد العليا في أي تنافس لخلافة بوتين، فهو ليس المرشح الوحيد.
وليس لدى روسيا سلسلة رسمية من الخلافة تتجاوز رئيس الوزراء، لكن آخرين يأملون في كسب عدد كاف من الحلفاء للاستيلاء على الرئاسة وقد يحاولون القيام بذلك من مجلس الأمن، وهو هيئة تجمع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين.
وتقول المجلة إنه على الرغم من أن أيا منهم ليس في خط الخلافة الرسمي، فإن المتنافسين المحتملين على المنصب الأعلى يشملون سيرغي شويغو (وزير الدفاع)، وديمتري ميدفيديف (الرئيس السابق ونائب الرئيس الحالي لمجلس الأمن الروسي)، وفياتشيسلاف فولودين (رئيس مجلس الدوما)، وسيرغي سوبيانين (عمدة موسكو).
ونظرا لانقسام النخبة الروسية وانخفاض مستويات الدعم الشعبي الذي تتمتع به معظم هذه الشخصيات، فمن الصعب تخيل أن أيا منها يتفوق على ميشوستين ليصبح المرشح التوافقي.
ومع ذلك، فمن الممكن أن يتحدى أحدهم ميشوستين، وقد يكون شخصا مقربا من الكرملين وأيضا محبوبا من الجماهير، وتقول المجلة إن هذا قد يجعل العالم يشهد حدثا نادرا وهو انتخابات روسية غير محددة النتائج سلفا.
انقلابات
وهناك أيضا إمكانية تقديم محاولة خارج الدستور للحصول على الرئاسة.
ومن الناحية النظرية، تتمتع العديد من الوكالات الروسية بالقدرة على القيام بانقلاب مثل الجيش وجهاز الحرس الفيدرالي، والحرس الوطني، وجهاز الأمن الفيدرالي.
وتقول المجلة إنه من الصعب تخيل أن يتمكن أي شخص من حشد كل تلك القوات تحت راية واحدة.
تعيين "خليفة"
ويبقى سيناريو رحيل محسوب لبوتين، قد يكون نتيجة لأسباب صحية، لكن بوتين يمكن أن يحدد خليفة له.
ويسمح نقل بديل مختار بعناية إلى رئاسة الوزراء قبل ترك منصبه لبوتين بتوحيد مجموعات النخبة المتنافسة وبالتالي زيادة احتمالات الخلافة المنظمة. ومن شأنه أيضا أن يكرر طريقة وصوله هو نفسه إلى الرئاسة.