زاد الاردن الاخباري -
أظهر تقرير أن تحديات غير مسبوقة تواجه العمال في سوق العمل الأردني وأن غالبيتهم يعانون من ظروف عمل غير لائقة، سواء من حيث عدم توفر فرص عمل أو انخفاض مستويات الأجور واتساع ظاهرة العمل غير المنظم، وغياب الأمن والاستقرار الوظيفي، واتساع رقعة الانتهاكات والاعتداءات على حقوقهم العمالية والإنسانية المنصوص عليها في تشريعات العمل الأردنية.
وجاء التقرير الذي أعده المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، لتقييم سياسات العمل وعلاقاته في الأردن وتأثيرها على العمال في مختلف المستويات الاقتصادية، وذلك بالتعاون مع مؤسسة فريدرتش الألمانية وبمناسبة يوم العالمي للعمال الذي يصادف الأول من أيار من كل عام.
ولفت التقرير إلى أن الأردن صادق على 26 اتفاقية من اتفاقيات منظمة العمل الدولية، منها سبع اتفاقيات من اتفاقياتها الأساسية الثماني، مشيراً إلى أن ذلك لم ينعكس بشكل كلي على القوانين والسياسات التي تنظم شؤون العمل في الأردن، بل على العكس، ما زالت هناك محاولات من صناع القرار لإزاحة الأردن عن مساره التنموي من خلال إصدار قوانين وأنظمة وتعليمات تشكل معظمها تراجعا عن حقوق العمال الأساسية، وتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية تنتقص من شروط العمل المتعارف عليها دوليا.
وبين التقرير أن عمال الزراعة ما زالوا يعانون من عدم إشراكهم في مظلة الضمان الاجتماعي، على الرغم من صدور نظام عمال الزراعة الذي ينص على شمولهم بأحكام قانوني العمل والضمان الاجتماعي.
إلا أن النظام لم يتم تطبيقه بشكل كامل حتى الآن، إذ أن البلاغ رقم 41 الذي صدر بعد شهرين من إقرار نظام عمال الزراعة أتاح لأصحاب الحيازات الزراعية شمول العاملين لديهم بتأمين إصابات العمل فقط، على أن يتم شمولهم بباقي التأمينات اعتبارا من 1 كانون الثاني 2023.
وحذر المرصد العمالي في تقريره من بقاء العمل بالقطاع الزراعي الذي يعتبر صمام الأمن الغذائي في الأردن، غير منظم ويفتقد إلى أبسط معايير العمل اللائق الممكن توفيرها إذا استمرت الحكومة بتأجيل شمول عمال الزراعة في مظلة الضمان الاجتماعي دون إيجاد صيغة ملائمة تراعي العمال وأصحاب العمل على حد سواء.
كما انتقد التقرير برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادية 2021-2022 التي أقرتها الحكومة نهاية العام الماضي، معلنا قلقه من تحفيز القطاع الخاص وتخفيض كلف التشغيل على أصحاب العمل، على حساب معايير العمل والحمايات الاجتماعية التي توفرها تشريعات العمل الأردنية من خلال تطبيق سياسات العمل "المرنة”، وذلك خضوعا لفرضيات خاطئة تقول إن شروط العمل الضعيفة والأجور المنخفضة تسهم في تشجيع الاستثمار المحلي.
وفي ذات سياق برنامج أولويات الحكومة الاقتصادية، أكد التقرير أن برنامج التشغيل الذي أطلقته الحكومة مطلع نيسان الماضي لا يختلف في الشكل عن البرامج التي اعتادت الحكومات على إطلاقها خلال العشر سنوات الماضية، إذ أنه يسعى إلى تشبيك القطاع الخاص مع الموظفين.
وأشار التقرير إلى أن مشكلة برامج التشغيل غير مستدامة ولا تسعى إلى استحداث فرص عمل من خلال خلق مشاريع إنتاجية تساعد على تشغيل المتعطلين عن العمل، كما أنها لا تعالج سياسات التعليم، وتفتقر إلى استهداف تحسين شروط العمل في القطاع الخاص.
وأوضح التقرير أن حقوق العمال الأساسية في مختلف القطاعات باتت عرضةً للتهديد والمساومة، نتيجةً لغياب دور المنظمات النقابية والعمالية في الدفاع عن شروط العمل في الأردن، وعن لعب دور أساسي في الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية بين العمال وأصحاب العمل.
كذلك، انتقد التقرير اتخاذ قرارات تمس مصالح العمال دون الأخذ بوجهات نظر الممثلين عنهم، إذ أشار إلى أن الحكومة تميز بين موظفي القطاع الخاص والعام من خلال عدم شمولهم القطاع الخاص في قرارات العطل الرسمية التي تخصصها الحكومة لموظفيها فقط.
واعتبر التقرير أن انتهاج هذا النوع من التمييز من شأنه أن يعمّق اختلالات سوق العمل، ويدفع غالبية طالبي الوظائف للضغط على الحكومة لتوظيفهم في القطاع العام، باعتبار أن شروط العمل في القطاع العام أفضل من القطاع الخاص، لافتاً إلى أن ذلك لا ينسجم مع توجهات سياسات العمل التي تنادي بها الحكومة والتي تشجع العاملين على الانخراط في القطاع الخاص.
وأوصى التقرير بإعادة النظر بمجمل سياسات العمل المعمول بها والتي تستند إلى إضعاف شروط العمل من أجل تحفيز الاقتصاد، وإجراء تعديلات جذرية على الفصل الحادي عشر من قانون العمل باتجاه إزالة جميع القيود على حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية أو إصدار قانون خاص لتنظيم العمل النقابي يشمل العاملين في القطاعين الخاص والعام، ويقوم على مبادئ حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
كما طالب التقرير بمعالجة الاختلالات في سياسات التعليم الجامعي لتراعي متطلبات سوق العمل واحتياجاته، باتجاه التوسع في التعليم المهني والتقني المتوسط منخفض التكلفة، والتركيز الفعلي على التدريب المهني من خلال زيادة موازنة مؤسسة التدريب والتعليم المهني والتقني.
وأكد التقرير على ضرورة التركيز على تأسيس المشاريع الإنتاجية التي تولد فرص عمل حقيقية في صفوف العاطلين عن العمل وبخاصة الشباب وعلى تطوير نظم إنفاذ التشريعات العمالية لوضع حد للتجاوزات التي تجري عليها، وتمكين العاملين والعاملات من التمتع بظروف عمل لائقة.
ودعا التقرير الحكومة إلى التخلي عن الصيغ الجديدة في الإعلان عن العطل الرسمية والعودة الى الصيغة السابقة لإزالة اللبس والفوضى التي تخلقها في سوق العمل.