زاد الاردن الاخباري -
وجدت الراقصات الأوكرانيات أناستازيا وأنّا وأولغا شعورًا بالراحة عبر تقديمهنّ عروضًا في سيرك قرب نيويورك، لكنّ أجواء الحرب المستعرة في بلادهن لا تزال تؤرقهن رغم ابتعادهن عنها آلاف الكيلومترات.
وعلى مسرح السيرك، ترقص الشابات باستخدام الحلقات ويقمن بحركات بهلوانية، فيما لا تفارق الابتسامة وجوههن. لكن بعيدًا عن هذا الأداء، يجرين مكالمات هاتفية تنطوي على حزن كبير مع عائلاتهن في أوكرانيا.
وتقول أنّا ستاريخ التي غادرت أوكرانيا بعدما شنّت القوات الروسية هجومًا عليها، في 24 فبراير/ شباط الماضي: ”أمضيت شهرًا من دون أن أنام خلاله ليلة واحدة كاملة“، مضيفةً: ”لم نكن قادرات على الخروج لشراء الطعام، كنّا متوترات وخائفات طيلة الوقت. كان الوضع مرعبًا“.
وتقدم حاليًا الشابة البالغة 21 عاما عروضا في سيرك ”فليب“ الواقع في ضاحية يونكرز في نيويورك، حيث يمكنها أن تنام من دون أن توقظها أصوات الانفجارات.
وفي منطقة تبعد عن كييف أكثر من 7500 كيلومتر، تستعد ستاريخ وصديقاتها داخل موقف للسيارات متاخم لضفاف نهر هدسون لتقديم عروض إلى جانب زملاء أتوا من أوروبا وأمريكا الجنوبية، إذ أصبح المسرح ملاذهم الآمن.
وتقول لوكالة ”فرانس برس“، إنّ ”العمل يساعدنا لنهدأ ولنبقى إيجابيين“.
ورغم ذلك، تظهر الشابات قلقًا واضحًا في شأن أفراد عائلاتهن الذين بقوا في أوكرانيا.
من جانبها، تقول أولغا ريزكينا (22 عاما) التي فرّت أيضًا من أوكرانيا مع اندلاع الحرب، بينما يعيش والداها وشقيقها في أوديسا: ”لا أعرف في أي حالة سيكونون غدًا، والأسبوع المقبل والشهر التالي. أبكي كلما راودتني هذه الفكرة“.
ووصلت ريزكينا وستاريخ إلى الولايات المتحدة مع أناستازيا سافيتش (20 عاما)، وهي راقصة مخضرمة في سيرك ”فليب“، عادت إلى أوكرانيا مع عاملين آخرين في الفرقة لتجديد تأشيرتها، لكنّ الحرب اندلعت في 24 فبراير/ شباط الماضي.
وتخرجت الشابات جميعهنّ من ”بينغو سيركيس ثياتر“، وهي أكاديمية متخصصة بالسيرك في أوكرانيا.
وانضمت ريزيكينا وستاريخ إلى سيرك ”فليب“ لتحلا محل راقصَيْن توجها إلى أوكرانيا للقتال والبقاء فيها.
وفي يوم غزو روسيا لأوكرانيا، غادرت سافيتش كييف متوجهة عبر القطار إلى بولندا.
وتقول لوكالة ”فرانس برس“: ”لم أر العاصمة فارغة بهذا الشكل من قبل. إذ أصبحت خالية من السيارات والأشخاص، وأُقفلت كل المتاجر والمحلات. كان المشهد أشبه بفيلم رعب“.
وهربت راقصتان أوكرانيتان أخريان من المجموعة عبر رومانيا وانضمتا إلى ريزيكينا وستاريخ في أمريكا، في 10 مارس/ آذار الماضي.
ترك المشاكل خلف الكواليس
وهؤلاء الراقصات هنّ من بين أكثر من 7,7 مليون شخص غادروا أوكرانيا منذ بداية الحرب، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
وتقول سافيتش التي أقنعتها والدتها أنّها لن تكون قادرة على مساعدة أسرتها من خلال بقائها في أوكرانيا: ”عندما وصلت إلى نيويورك شعرت بالذنب“.
وتشير إلى أنّها تنتظر سماع نبأ انتهاء الحرب وأنّ اوكرانيا ”انتصرت“.
وتقول لوكالة ”فرانس برس“: ”أبلغ 20 عاما، وأريد أن أبقى شابة وألّا أتحدث عن الحرب“.
ولدى الصديقات الثلاث أحلام مختلفة لكن متشابهة.
وعند سؤالهنّ عن أحلامهنّ، ترد ستاريخ: ”أود أن أعيش وأبقى بأمان“، فيما تشير ريزيكينا إلى رغبتها في ”السفر حول العالم“، أما سافيتش فتأمل أن تعيش دائما في الولايات المتحدة.
وتقول أليكسا فاسكيز، المسؤولة في سيرك ”فليب“ الذي أسسته عائلتها في المكسيك قبل أكثر من 50 عاما، إنّ إخراج الشابات من أوكرانيا كان صعبا في ظل إغلاق تشهده المطارات.
وتضيف لوكالة ”فرانس برس“: ”إنّ وجود هؤلاء الفتيات هنا بأمان يعني لنا الكثير وبخاصة لي لأنّهن صديقات وبمثابة عائلة. ونستطيع دعمهنّ بأي طريقة ممكنة“.
وتظهر الراقصات الأوكرانيات مرات عدة في السيرك الذي لا تؤدي فيه الحيوانات أي عرض.
وتقول ريزيكينا، إنّ ”الأشخاص يحضرون ويرغبون في مشاهدة عرض جميل. فلا بد من ترك المشاكل خلف الكواليس“.