يسري غباشنة
11/7/2011
دعوا السقف على حاله
مرة أخرى تتنادى مجموعات ما يسمى بالحراك الشعبي إلى اعتصام أرادته سابقا أن يكون 14 تموز، وبعد امتعاض الأردنيين في اختيار هذا اليوم تحديدا، لجأت إلى تغيير موعدها إلى 15 تموز؛ فتغيّر التاريخ، ونأمل ألا تكون النيّات كما أشيع عنها ما زالت كامنة في الصدور. وبعد البحث المضني والتفتيش هنا وهناك تمّ العثور على ما يقرب من ثماني مجموعات تطلق على نفسها مجموعة الحراك الشعبي،إضافة إلى ما يدعى بشبيبة جبهة العمل الإسلامي. بعضها ينتسب إلى أرقام وأعداد، وبعضها الآخر يدّعي انتسابه إلى مدينة أصيلة تاريخا وأفرادا كي تعطي لنفسها زخما شعبويا ومناطقيا زائفا، في حين يتسمى بعضها بالطلبة والطلاب. وهلمّ جرّا.
إنّ اللافت في مطالب هؤلاء ارتفاع سقف مطالبهم، مما يشير إلى أنّ هناك من البالغين مَنْ همس بأذانهم لينادوا بتغيير اسم المملكة الأردنية من هاشمية إلى عربية. وما أودّ قوله لهؤلاء: إنّ هذا السقف راسخ الجذور فلا تقربوه! فجذوره تعود إلى أشرف القبائل العربية التي عرفت نظام الحكم منذ أيام قصيّ بن كلاب في إقامة دار الندوة لحماية الحجيج والقوافل التجارية معتمدا على قوة الهاشميين وإحقاقهم للحق. جذوره تعود إلى بني هاشم بن عبد مناف، جذوره يا أتباع آذار وغير آذار تعود إلى خير البرية المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، ونسله الأطهار من صحابة وتابعين إلى يوم الدين. هذا في الماضي، فعودوا إلى كتب التربية الإسلامية والاجتماعيات للتزوّد بما فاتكم من تاريخ لا تعرفونه، وأنتم تلهثون وراء تواريخ تلطخت بالدم والقتل والدمار.
أمّا في الحاضر؛ فخذوا العبرة من قتلة الهاشميين في العراق الشقيق وما آلت إليه عاصمة العباسيين، وموطن الحضارات الأكادية منها والسومرية إضافة إلى الآشورية والبابلية، بعد أن نعق على جنبات دجلة والفرات البوم الأمريكي؛ ففتح علينا عربا ومسلمين فتنا مذهبية وعرقية وطائفية يتسع مداها يوما بعد يوم، إلى جانب ما ترونه كلّ لحظة من قتل وتشريد ووو إلخ.
أهذا هو اليوم الذي كنتم قد اخترتموه لاعتصامكم!
وبعد، من هو الذي أوهمكم بأنّ انتساب المملكة إلى الهاشميين هو رأس الدّاء؟! من هذا الذي ينفخ في كير الفتنة صباح مساء ليصوّر لكم أنّ مشكلتنا مع الاسم كما تدعون؟! وأما اختباء ملقنيكم وراءكم فمعروف، واختباؤكم وراء شعارات ظاهرها المناداة بالإصلاح وباطنها الدمار والخراب الذي يتوقع أنكم لا تقصدونه كما نأمل فليس بخافٍ على أحد.
إنّ تراكم المديونية، والفقر، والبطالة، ومواخير الفساد وغير ذلك لن يندثر بين ليلة وضحاها إذا استبدلنا العربية بالهاشمية كما تزعمون. لستم وحدكم من ينادي بالإصلاح، لقد سبقكم إلى هذا كلّ أردنيّ حرّ شريف طالب ونادى بتطهير تراب البلد من النجاسة والأنجاس، وكلّ من أثرى ومَلْيَنَ على حساب الخلّص الأوفياء. سبقكم في هذا كلّ من تطهّرت يداه بتراب البلد دون التفكير بهدم سقف لم نعهد منه إلا سعة الصدر، واحتواء المعارض تحت جناحيه، عندما كانت الجمهوريات الديمقراطية الرّؤوم تذيقهم سوء العذاب؛ تسجنهم، وتذبح أبناءهم، وتضيّق عليهم الدنيا بما رحبت. ولكن من عارض الهاشميين في خمسينيات القرن الماضي عادوا رؤساء حكومات ووزراء ونوابا وأعيانا ومواطنين يبنون ولا يهدمون. ولا تختلف تلك الخمسينيّات عما نحن عليه الآن.
أيها الأخوة: دعوا السقف على حاله، ولا يغرنكم من يتطاول بقامته كي يبلغه وما هو ببالغه. وقولوا لمن يهمس في أذانكم: دونكم والمعابر الحدودية، فابحثوا لكم عن سقوف أخرى تستظلون تحتها بعيدا عن الأردن أرضا وشعبا وقيادة هاشمية فترة من الزمن، ومن ثم عودوا إلى بلدكم وأخبرونا عن تلك السقوف والحيطان ومآثرها. وذكروهم بأن في الأردن أردنيين لا ولن يسمحوا للمغامرين والمراهقين بأن ينقبوا تحت سقف يستظل تحته الشامي والمغربي وكل عربي جار عليه الزمن.
وأمّا هرم الفساد؛ ففيه يختبئ من تفوح روائحهم الكريهة يوما بعد يوم، فمنهم من افتضح أمره، ومنهم من ستطاله يد العدالة يوما ما. هذا الهرم هو الأولى بالتدمير وفي هذا لايختلف أيّ منا عن الآخر في ردمه وتسويته شيئا فشيئا بعد أن تأخذ الجهات العدلية والقضائية وقتها في التحقيق والتحقق.
وأخيرا نقول مرّة أخرى: خذوا ع راسها شوية.