زاد الاردن الاخباري -
قال تعالى ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) ) القصص .
إلى الحكام المستضعفين الذين أحاط بهم الطغاة العالميين والطغاة المحسوبين على المسلمين والغربيين و الحمقى والسفهاء والخبثاء والمتآمرين والماكرين والكفار والمشركين والمنافقين وكل مطايا شياطين، مما جعلهم لا يستطيعون الإصلاح الجذري الذي يتطلعون له، وهم قلة قليلة، فالله عز وجل أعلم بالنوايا وبما في القلوب .
إلى المستضعفين المحكومين الذين لم يستأنسوا الاستضعاف، الذين أحاط بهم الطغاة العالميين و وكلائهم المحليين والمستضعفين الذين استأنسوا المذلة والاستضعاف .
هيئوا أنفسكم ( فكريا ونفسيا ) لمواكبة التغيير القادم بروح جديد، حيث سيمن الله عليكم وسيجعلكم أئمة وبحسب الخبرة والفن والمهنة والصنعة التي تتقون، حيث سيكون هناك أئمة في السياسة وأئمة في إدارة شؤون الأسرة وأئمة في التربية وأئمة في التعليم وأئمة في القضاء وأئمة في الإدارة وأئمة في الإقتصاد وأئمة في الزراعة وأئمة في الصناعة وأئمة في التجارة وأئمة في الطب وأئمة في الفن وأئمة في الإعلام …. الخ، وهذا ما يتطلبه تقديم النموذج المثالي لتأتم وتقتدي به باقي الأمم، وهذا ما يحذره ويخشاه الطغاة والصهاينة وكل أعداء الإنسانية والدين .
فنحن المسلمون ورثة المنهج والدين، فنحن أولى من أعداء الإنسانية والدين بإمامة البشرية .
ومما سيجعل المستضعفين أئمة، تأييدهم من قبل الله عز وجل بروح منه مما سيجعلهم يتمتعون ( * بالنورين ) النور الأدنى والنور الأعلى الذي يزيد العقل نورا وينير البصيرة ويحي الشعور ويرفع من مستوى الوعي ويوسع الأفق والمدارك، وعلى هذا الأساس ستتكامل لديهم المعرفة، ومن تكاملت لديهم المعرفة تكاملت لديهم القوة، وهذا أيضا ما يحذره ويخشاه الطغاة .
وسيمكنكم الله عز وجل وسيزيدكم من فضله وسيعلمكم ( الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) العلق، سيعلمكم ما تجهلون من السنن والقوانين الحاكمة للوجود القائم، وسيفتح لكم الفتاح عوالمه الفكرية التي غيبها عن المغضوب عليهم والضالين، فالمشروع الإسلامي مشروع رباني والله جل قدره هو وحده من سيختار من سينفذون مشروعه ليحقق إرادته بواسطتهم .
فتمكين المستضعفين من الأرض التي سيحققون عليها مرادات الله عز وجل، يتطلب أولا - وهو الأهم - تمكينهم من ( العلم والمعرفة ) فبواسطة ( سلطان العلم ) سيتمكنون من ( سلطان القوة ) اللازمة للتغيير والتمكين من ( السلطة ) التي تمكنهم من ( تمكين الأمة من السلطة ) من خلال توزيع المسؤوليات والمهمات بينها بالعدل وبحسب الاختصاصات والتخصصات، لتقوم الأمة مجتمعة ببناء الحضارة الإسلامية الإنسانية المثالية بروح جديد
فتمكين المختصين بما تخصصوا به وأتقنوه هو التعدد السياسي الطبيعي الذي يحقق التكامل والذي يمكن الناس من حفظ حقوقهم وتحقيق ذواتهم وتنمية قدراتهم وإشعارهم بانسانيتهم، ويشبع حاجاتهم الفطرية والإنسانية ويقوي من روابطهم الاجتماعية ويجعل حياتهم السياسية حياة مستقرة تخلوا من شغب الشياطين، وليس الأحزاب التي تجعل المشاركين بالأحزاب في حالة تصادم وليس تكامل، وتجعل بقية المجتمع متفرجين لا حول لهم ولا قوة ينتهي دورهم في المشاركة السياسية عند صندوق الاقتراع .
قال تعالى ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ۚ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ۖ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ (32) ) النجم.
إن من مرادات الله العلي القدير، مراده في إخراج الدين المحاصر من قبل إبليس وذريته بواسطة الطغاة وحكام القهر والغلبة في المسجد إلى واقع الحياة، وهذا الأمر لا يقوى على فعله إلا رب العزة والجلالة العلي القدير ، فكل من في ذهنه تصور لمشروع سياسي إسلامي عليه أن يلغيه، لأن المشاريع التي نقرأ ونسمع عنها مشاريع لا يتحقق فيها مرادات الله عز وجل، بل هي مرادات أشخاص أو جماعات لبس عليها الأمر ولا تدرك حقائق الأشياء ولا تعلم بالسنن والقوانين الحاكمة للوجود القائم، بل البعض خلط مرادات الله عز وجل بمرادات إبليس .
إن الله مقيل العثرات وغافر الذنوب والزلات، فلا تأسى على ما فات مادمت على قيد الحياة، فلا تستعظم ذنبك، فأستغفره وإليه أنيب وقل آمنت بالله ثم استقم لتتخلص من عقوبات الله الشديدة الخفية التي طالت الطغاة وعلماء ومشايخ السلطة ومن دار في فلكهم، ولا تلتفت لتخويف الأحمق والسخيف ومن أصبح عقله عقل خفيف بعد ما تسلطت عليه الشياطين، فالدين والإيمان حياة والكفر والشرك والنفاق ظلمة وممات وعند الله السعة وليس وراء الطغاة والشياطين إلا الضيق والعنت والمعاناة، وأستعد لأداء المهمات، 1 - عبادة الله، 2- تجسيد قيم وأفكار الرسالة، 3 - تبليغ الرسالة، 4 - إصلاح الأرض لتنجي يوم العرض .
قال تعالى ( إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175) ) آل عمران .
فحتى تكون من ضمن المقبولين لتنفيذ المشروع الإسلامي بادر بتسجيل اسمك من خلال ربط قلبك بربك حتى يتحقق قبول الطلب، ( * حتى لو كنت غير مسلم ) ، ولكنك من المسالمين، فالشبكة الروحية الإنسانية الإسلامية لها فاعلية في قبول الطلبات وإجراء ما يلزم من قبل جنود الخفاء المدبرات أمرا، فقط ما عليك إلا أن تستغفر وتنيب واتق الله ثم استقم وبادر بإصلاح ما يمكنك إصلاحه مما قمت بإفساده، وأسأل المعين ليعينك على ما نويت القيام به من إصلاحات وأن يستعملك فيما يرضيه، ولا تكلف نفسك إلا وسعها، وما لا يمكنك إصلاحه في الوقت الحاضر بسبب الظروف أضمره في قلبك وأنتظر الفرج وبداية فتح الباب لتنفيذ المشروع الرباني الإسلامي الإنساني، فبعد التمكين بإذن العلي القدير سيعاد ترتيب شبكة العلاقات الإجتماعية والسياسية ترتيبا يمكن كل إنسان من الانتفاع وتحقيق ذاته والمشاركة بأفكاره وتصوراته ليتجسد منها ما يحقق مصلحة الناس وما يتوافق مع المعايير والمقاييس الإسلامية حتى تتحقق سلامة الحياة.
قال تعالى ( صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) ) البقرة . فالحياة الإجتماعية والسياسية ستصبغ بصبغة الله بواسطة الأعمال التي يقوم بها عباده المخلصين الذين أيدهم بروح منه لتتغير صبغة الحياة الإجتماعية والسياسية من الصبغة الشيطانية إلى الصبغة الربانية .
____________
* حتى لو كنت غير مسلم : إن غير المسلمين لم تقام عليهم الحجة بل هم حجة على حكام القهر والغلبة والطغاة الذين شوهوا الدين في نظر معظم غير المسلمين، حيث قاموا بكفر وتغطية وستر سنن وقوانين الخلق في النشأة والحياة والمصير، ودين الإرث والعادة والحمية والعصبية ليس حجة على غير المسلمين، بل بعض أتباع هذا الدين بغضوا غير المسلمين بدين الله جل قدره .
المفكر الإسلامي محمد عبد المحسن العلي/ الكويت