زاد الاردن الاخباري -
امس كانت ناهد وزوجها جمال على موعد مع الفرح ... موعد لحياة تغيرت واستبدلت الحزن والحسرة بفرح لا يضاهيه اي شيء اخر بحياتهما ... فرؤية طفلهما (عمر) الاتي من رحم لطالما بقي فارغا من وجود طفل بداخله طيلة عشرين عاما .. شكل لهما املا جديدا.
في غرفة العمليات بمستشفى عمان الجراحي حيث كانت (الراي) موجودة لتتابع الحدث, دخلت ناهد وهي تمسح دموعها التي لم تفارقها طيلة سنوات زواجها الـ(20)؟
فبعد لحظات ستصبح اما، وهي لحظات مرت عليها كأنها دهر ... ليطل عليه وجه طفلها (عمر) تطلب من الاطباء ان تراه فتشتم رائحته وتجهش بالبكاء قائلة: «اهلا بحبيبي عمري ...
انتظرتك هذه السنوات يا غالي».
انجاز طبي ادخل الفرحة لقلوب حرمت من الاطفال طوال هذه السنوات وعانت الكثير فجاءت رحمة الله سبحانه وتعالى بهما لينير ظلمة عاشاها بالم ومرارة.
أم عمر تحدثت الى ( الراي) وهي تترقب خروج طفلها للحياة, فالعملية القيصرية تمت بالتخدير الموضعي لتتمكن ناهد من رؤية اللحظات الاولى في حياة ابنها واستقبالها اجمل ما يمكن ان ترى عيون المرأة الحالمة بالامومة والمتلهفة بارتباط اسمها باسم طفلها.
وقالت: «هذه اللحظات انتظرتها عشرين عاما عشت فيها حياة لا يمكن ان اصف تعاستها ... فالحياة التي تخلو من الاطفال هي بلا معنى ولا هدف».
واضافت «لقد تزوجت وانا في الثامنة عشرة ولم ارزق باطفال الا وانا في عمر (38) عاما ... لكن الحمد لله على نعمته لنا رزقنا (عمر) الذي بقدومه اعاد تعمير نفسينا وقلبينا اللذين اكتويا بعذاب عدم وجود اطفال».
وتقول ناهد «حاولت انا وزوجي اجراء محاولات طبية ( كالحقن ) تساعدنا في الانجاب لكنها باءت جمعيها بالفشل , وبسبب اوضاعنا المادية لم نتمكن من اجراء عملية اطفال انابييب ... الا قبل تسعة شهور كنا قد وصلنا الى الياس الحقيقي , وكانت هذه المحاولة هي قارب النجاة الذي اما ان يوصلنا الى الفرح او يعيدنا الى الظلام الذي كان يلف حياتنا».
والمفارقة في قصة ناهد ان شقيقاتها المتزوجات لم ينجبن ايضا وشقيقها بعد مرور تسع سنوات على زواجه رزق الشهر الماضي بطفل ... فاكتملت فرحتهم امس بقدوم (عمر).
ويقول والد الطفل، جمال الفروخ قبل اجراء العملية القيصرية «لا اصدق انه بعد لحظات ساصبح ابا فهذا املي بالحياة الذي تحقق اخيرا بفضل الله سبحانه وتعالى وجهود ومتابعة ومهارة الطبيبة وفاء برهم ساعدتنا كثيرا».
ويضيف: «كنا نعاني من مشاكل حالت دون قدرتنا على الانجاب ولم نكن قادرين بسبب الاوضاع المادية على اجراء عملية اطفال الانابييب لكن شعرنا ان هذا الامل الاخير لنا ويجب ان نحاول» وبين انهم استدلوا على الدكتورة وفاء برهم التي اجرت جميع الفحوصات اللازمة وكان قرارها باجراء عملية اطفال الانابييب التي نجحت من المرة الاولى لتزرع الامل من جديد.
ويقول: «كنا بحاجة الى دعم نفسي كبير للاستمرار بهذا الطريق وقد وجدنا عند الدكتورة برهم هذا الامر فكانت دوما تبدد يأسنا وتذكرنا بقدرة الله سبحانه وتعالى التي جعلتنا نمتع عيوننا برؤية (عمر) .
ويتابع الفروخ: «طيلة التسعة الاشهر الماضية كنا نعيش في قلق مستمر وخوف على الجنين, ولحظات فرح كبيرة ايضا ونحن نراقب حركات الجنين في رحم امه».
وبينت أخصائية النسائية والتوليد واطفال انابيب الدكتورة وفاء برهم التي اشرفت على ناهد، بانها احدى الحالات النادرة التي لم تستطع الانجاب طيلة العشرين سنة الماضية.
وقالت لـ(الرأي) أن ناهد وزوجها كانا يعانيان مشاكل صحية حالت دون قدرتهما على الانجاب وقد قاما باجراء محاولات (حقن) عديدة كان مصيرها الفشل.
وبينت برهم «ان ام عمر وزوجها قصداها بعد ان تملك اليأس منهما.. الا انه الايمان بقدرة الله عزوجل ومعرفة الاسباب الرئيسية وتحديدها التي تحول دون حدوث الحمل تسهم بدرجة كبيرة في الوصول الى نتائج مرضية وانجاب طفل يملأ حياتهما بفرح حقيقي».
واضافت «لم تكن رحلة علاجهما سهلة فبعد اجراء الفحوصات الطبية الشاملة وتحديد سبب عدم الانجاب تم البدء باجراءات بعملية اطفال الانابيب وما تحمله من انتظار وترقب وتكلفة علاج تحملها الزوجان لتحقيق الامل الذي عاش في نفوسهما طيلة هذه السنوات».
واشارت برهم الى ان متابعة حمل (ناهد) لم تكن سهلة خاصة انها كانت تحتاج (إبرا) مميعة طيلة فترة حملها تحسبا من تخثر في الدم ... لكن الايمان بقدرة الله سبحانه وتعالى جعتنا نصل بناهد وطفلها الى شط الأمان.
وقالت اخصائية اطفال الدكتورة فاتن المعايطة المشرفه على (عمر) أنها قامت باجراء الفحص الطبي الكامل له وحملته لوالدته لتراه بعد ان طمئأتها بان طفلها سليم معافى وهي اسئلة كانت ترددها الام اثناء اجراء العملية القيصرية خوفا على وليدها.
قصة انجاز طبي اردني في عالم النسائية والتوليد لكنها قبل كل ذلك هي تاكيد لكل من يفقد الامل نتيجة عدم الانجاب بان قدرة الله عزوجل ورحمته بعباده لا تعرف زمانا وحدودا ... ومن يرد الله سبحانه وتعالى ان يهبه الذرية يسخر له من ياخذ بيده ويساعده بعلمه وخبرته على تحقيق هذا الامل .
ويبقى (عمر) عنوان للفرح فكلما وقع نظر والديه عليه اعيدت لهما الحياة من جديد وتغيرت ايامهما الى الابد ... فما هو اجمل من ان يعودا الى بيتهما وهما يحتضنانه يبدد بصراخه صمتا مميتا لطالما عاش في منزلهما ... وينثر بقدومه عبير الفرح في ارجاء المنزل وفي قلوب من حوله.
الرأي