زاد الاردن الاخباري -
أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني، ملخص سياسات بعنوان "الوقوف على واقع الأسعار في ظل الأحداث العالمية الراهنة" بهدف تسليط الضوء على مسببات أزمة التضخم العالمي، ومدى تأثيرها على الأسعار في الأردن.
وأشار المنتدى في الملخص إلى مجموعة التدابير المالية المتنوعة التي اتخذتها جميع حكومات العالم في سبيل التخفيف من الآثار الناجمة عن تفشي جائحة كورونا، وخاصة التدابير التي لم يسبق تطبيقها واتخذتها الاقتصادات المتقدمة كالإنفاق الإضافي والمساعدات المرتبطة بتوفير السيولة على نطاق واسع، مبيناً أن نسبة التدابير المالية إلى الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول في الفترة التي تتراوح بين 7 كانون الثاني/يناير 2020، و27 أيلول/سبتمبر 2021، قد بلغت 46.2% للولايات المتحدة، و45.1% لبريطانيا، و43.1% لألمانيا، و36.0% لليابان، و27.9% لإيطاليا.
وفي السياق نفسه، أوضح المنتدى أن توقعات التضخم في العالم قد برزت نتيجةً لانقطاع سلاسل التوريد العالمية المصحوبة بحزمة إغلاقات شهدتها الأسواق المحلية، إضافة للتوسع في التدابير المالية والسياسات النقدية التيسيرية الضخمة التي اعتمدتها الاقتصادات الكبرى، علاوة على الهجوم الروسي في أوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير 2022.
وبيّن المنتدى أن ارتفاع الأسعار العالمية قد بدأ بالسلع الأساسية التي ارتفعت ارتفاعًا كبيرًا عقب الإغلاقات التي حدثت عام 2020، وبعد عودة الاقتصادات للعمل في أواخر عام 2020 ومطلع عام 2021؛ حيث ارتفع مؤشر أسعار الطاقة (الفحم والنفط الخام والغاز الطبيعي) من 62.92 نقطة في كانون أول/ديسمبر عام 2020 إلى 111.42 نقطة في كانون أول/ديسمبر عام 2021؛ أي بنحو نسبة 77%، إضافة إلى ارتفاع مؤشر أسعار الزيوت والدهون خلال تلك الفترة (مثل زيت جوز الهند، وزيت السمك، وزيت النخيل، وزيت فول الصويا، وفول الصويا) بنسبة بلغت نحو 12.5%، كما ارتفعت أسعار الحبوب (الشعير، والذرة، والأرز، والقمح) بنسبة 19.4%، وارتفاع أسعار الأسمدة بنسبة 163.9%، علاوة على ارتفاع مؤشر أسعار الصلب والمعادن (الألمونيوم، والنحاس، والحديد الخام، والنيكل، والقصدير، والزنك) من 99.65 نقطة في كانون أول/ ديسمبر عام 2020 إلى 116.72 نقطة في كانون أول/ ديسمبر عام 2021، أو بنحو 17.1%.
وفي سياق متصل، أشار المنتدى إلى الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم؛ حيث ارتفع مؤشر أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق، أي من 101 نقطة في كانون أول/ ديسمبر 2019 إلى 108.6 نقطة في كانون أول/ ديسمبر 2020، وإلى 158.5 في نيسان/أبريل 2022.
وفيما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية، بين المنتدى في ملخص السياسات أنها أزمة إنسانية تحمل تداعيات اقتصادية كبيرة؛ إذ كانت أسعار السلع الأساسية العالمية آخذة في الارتفاع قبل الهجوم الروسي في أوكرانيا مشيراً إلى أن الهجوم سيكون له دور أساسي في مفاقمتها. علاوة على أن الحرب قد جاءت في الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد العالمي بالعودة لوضعه الطبيعي بعد هبوط الناتج المحلي الإجمالي بنسبة بلغت 3.4% في عام 2020، وخاصة بعد أن كانت التوقعات تشير إلى تعافي الاقتصاد العالمي بنسبة 5.5% عام 2021، و4.1% عام 2022، و3.2% في عام 2023.
كما أضاف المنتدى بأن الحرب الروسية الأوكرانية قد بدأت بعد فترة وجيزة من عودة السياسات الاقتصادية إلى وضعها الطبيعي، وبعد أن بدأت الدول بإلغاء السياسات النقدية التيسيرية الاستثنائية بشكل تدريجي، فضلًا عن إيقاف التدابير المالية الطارئة التي تم اعتمادها.
وفي هذا السياق، بين المنتدى حجم الاقتصادين الروسي والأوكراني في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أنه وبالرغم من كونهما يمثلان ما يقارب 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فقط، إلا أنهما قد يتسببان مجتمعين في اضطراباتٍ كبيرة؛ إذ يمثل الاقتصادان معًا نحو 30% من الصادرات العالمية من القمح، و20% من الذرة والأسمدة المعدنية والغاز الطبيعي، و11% من النفط. كما يعدان من أكبر المنتجين للغازات الخاملة (المستخدمة في إنتاج أشباه المُوصِلات) والتيتانيوم (المستخدمة في قطاع الفضاء والدفاع). كما تعد روسيا من أكبر منتجي البلاديوم المستخدم في "محولات السيارات، والنيكل المستخدم في إنتاج الفولاذ وصناعة البطاريات".
وفيما يتعلق بالآثار الناجمة عن الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد الأردني، أوضح المنتدى أن واردات الأردن أعلى بكثير من صادراته، حيث بلغت نسبة الواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي في الأردن 52.2% كمتوسط للأعوام 2015-2020؛ مما يؤشر إلى ضعف الأداء التجاري الأردني، وقابلية تأثر الاقتصاد بالأسعار العالمية التي تظهر تداعياتها بشكل أساسي في عجز الميزان التجاري ومعدلات التضخم.
وبيّن المنتدى تنوّع التركيب السلعي للواردات الأردنية؛ حيث تشمل الآلات ومعدات النقل، المواد الغذائية والحيوانات الحية، الوقود المعدني والمواد المشابهة، البضائع المُصنعة، والمواد الكيماوية، والكثير غير ذلك. في المقابل، أوضح المنتدى بأن صادرات الأردن مركزة بشكل كبير؛ إذ تمثل بعض الأصناف المصدرة نحو 60% من نسبة إجمالي الصادرات الوطنية؛ مما يعني أن الاقتصاد الأردني سيتأثر تأثرًا بالغًا في حال بقيت الأسعار العالمية مرتفعة كما هي الآن.
علاوة على ذلك، أشار المنتدى إلى تسارع معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى 8.5% في شهر آذار/مارس عام 2022، مسجلًا بذلك المعدل الأعلى له منذ عام 1981. إضافة إلى استمرار ارتفاع معدل التضخم حتى نهاية عام 2022.
وبحسب المنتدى، فإن الهجوم الروسي في أوكرانيا سيسهم في بقاء أسعار الطاقة مرتفعة لفترة طويلة من هذا العام. فضلًا عن استمرار الحظر الذي تفرضه دول الغرب على روسيا لمدة طويلة حتى وإن انتهت الحرب. وفي هذا السياق أشار المنتدى إلى أنه ثمة توقعات بتزايد الضغوطات الواقعة على أسعار الأغذية وتكاليف الإيجارات والإسكان وغيرها من أسعار الخدمات الأخرى؛ مما أدى إلى زيادة البنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة المرجعي بنسبة نصف نقطة مئوية في الرابع من شهر أيار 2020، ومن المتوقع أن يتبع ذلك المزيد من الزيادات.
هذا ويتوقع المنتدى أن يكون ما تبقى من عام 2022 صعبًا على الاقتصاد الأردني؛ إذ سيضطر البنك المركزي الأردني إلى زيادة أسعار الفائدة في حال بقيت أسعار الفائدة آخذة في الارتفاع في الولايات المتحدة، وقد رفع البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في آذار 2022، و50 نقطة أساس في أيار 2022. علاوة على ذلك، أشار المنتدى إلى مدى خطورة التداعيات على واردات الأردن من النفط الخام والغاز الطبيعي في حال استمرت التوقعات باتجاه بقاء أسعار الطاقة مرتفعة كما هي، إضافة لخطورة التداعيات على واردات الأردن في حال استمرت أسعار الأغذية مرتفعة كما هي. إلا أنه من الناحية الأخرى، بيّن المنتدى بأن بقاء أسعار الأسمدة مرتفعة كما هي سيكون له آثار إيجابية على صادرات الأردن من البوتاس والفوسفات.
وأوضح المنتدى أنه على الرغم من حالة عدم اليقين التي تحيط بحجم النزاع الروسي-الأوكراني القائم والآثار المترتبة عليه حالياً، إلا أنه من المؤكد أن تساهم هذه الحرب في إحداث المزيد من الضغوط على تضخم الأسعار. وفي هذا السياق، أوصى المنتدى بضرورة المصارحة والشفافية حول ما يحدث في السوق العالمي وأثره على الأردنيين، خاصة وأن الأسر الأردنية تنفق - كما هو الحال في الدول النامية الأخرى - حصة كبيرة من دخلها على الأغذية والطاقة ووسائل النقل.
وأكد المنتدى ضرورة العمل بتشاركية مع جميع الأطراف ذات العلاقة لإيجاد حلول عملية من شأنها تخفيف الأعباء عن الأسر الضعيفة ومراعاة أحوال القطاع التجاري في ذات الوقت، خاصة وأن انعكاس ارتفاع الأسعار العالمية على السوق المحلي سيظهر تدريجياً.
وبحسب المنتدى، لا يوجد مفر من زيادة الأسعار المحلية إن ارتفعت الأسعار العالمية عاجلاً أم آجلاً، كما سيكون دعم الدخل - مثل مبالغ الدعم النقدي المقطوعة - خيارًا جيدًا لإحدى السياسات التي يمكن للحكومة الاستمرار في تطبيقها، بينما لا بدّ أن يكون أي دعم إضافي - مثل خفض ضريبة المبيعات - إجراءً مؤقتًا ومستهدفًا بشكل جيد لضمان ترشيد التكاليف وضبطها.