التطور سنة الحياة.. وكل شيء قد يخضع للتطور، المواصلات مثلاً بدأت باستعمال الحمار ثم العربة وانتهت بالطائرة.. والحبّ بدأ بالورد ومر بالرسائل والآن تستطيع أن ترسل لأيّ امرأة في العالم عبر (الدي اتش ال) ورداً أو هدية.
الشيء الوحيد الذي لم يتطور لدينا هو مفهوم (المحابَبَة)... فالسلام مرتبط بها دوماً.. بها، وهي تخضع لعدة أشكال أولها السلام البارد والذي يتضمن ملامسة (الخدود) لبعضها البعض فقط.
وثانيها السلام شبه الدافئ والذي يتضمن البوس مع صوت هادي (للمطق)... وثالثها السلام الحار والذي يحتوي على (بوس) عنيف قد يؤدي إلى (تقطيع) الخدود.
الغرب مثلاً تخلى عن مفهوم الوقوف في السلام.. تستطيع مثلا أن تمدّ يدك وأنت جالس بالمقابل.. الجلوس لدينا مرتبط بالاحتقار.. يجب أن تقف.
لدينا أيضاً هناك جمل متوارثة من مئة عام للتأكيد على حجم الاشتياق منها مثلاً: “يسعد شواربك”... وأحياناً ومن أجل إعطاء السلام مفعول أقوى يقولون: “هات أبوس شواربك” وفي بعض المرات يتم تقبيل الخشم ومن الممكن أثناء العناق... أن تخرج قبلة بشكل نشاز وتأتي على الأذن وفي بعض المرات يتم تقبيل الرأس.
المهم أن (الخدود) بعد حرارة السلام تصبح حمراء.. وقد يسقط العقال...
لا أنسى عملية (الطبطبة) على الظهر والأكتاف.. وأحياناً قرص الخدّ للتعبير عن الفرح أتذكر أحدهم فعلها معي في الكرك وأدى ذلك إلى حدوث نزيف في الأنف.
يا ترى هل (البوس) ضرورة من ضرورات التعبير عن الحب والاحترام أنا لا أعرف ولكنه الشيء المجاني الوحيد في الأردن الخالي من التشريعات والضرائب ولهذا نسرف فيه إلى حدّ (تقطيع) الخدود.
مع ذلك قد ينفذ النفط من العالم ولا ينفذ المخزون الوطني الأردني من (البوس).
كنت أقرأ أمس كتاباً ألّفه أحد المسؤولين السابقين اسمه (مجتمع الكراهية)... ومن وحيه كتبت هذا المقال.
hadimajali@hotmail.com