كنت سفيرا في المملكة المغربية (1998- 2003)، عندما بدأ يظهر إلى العلن، اختلاف أو مخالفة وتلويح الأمير مولاي هشام، ابن عم الملك محمد السادس ملك المغرب، بالانشقاق واتخاذ مسار خاص.
وقد شاهدت وشاهد السفراء العرب وكبار رجال الدولة والوزراء وقادة الجيوش المغربية، كيف أن حجم الموضوع قد تفاقم إلى درجة أن التشريفات الملكية المغربية العريقة، قد أجلست الأمير إسماعيل بن عبد الله بن محمد الخامس، أمام شقيقه الأكبر مولاي هشام بن عبد الله، خلال جلسة دينية ترأسها الملك، تمت في ضريح الملك محمد الخامس، الواقع مقابل صومعة حسان على ساحة يعقوب المنصور في الرباط.
وكانت تلك «النقلة» أبلغ الدلائل على أن الأمير هشام، غير قابل للتعديل والتبديل، وأنه قد فقد مكانته كليا، حتى أننا استغربنا، قبوله الجلوس خلف شقيقه الأصغر.
يتنازل الأمراء والأميرات عن ألقابهم، كما هو مذكور في التاريخ البعيد والقريب، وغالبا ما يكون سبب التنازل، الوقوع في الحب أو الزواج من الطبقة الشعبية.
الأمير هشام بن عبد الله، المقيم في أميركا، توّجَه إلى ابن عمّه الملك محمد السادس بطلب نزع لقب «أمير» عنه بصفة دائمة، والتحول إلى مجرد مواطن عادي.
ولم يستبعد الأمير هشام التحول إلى النشاط السياسي بشكل علني، في حال وافق الملك على إعفائه من لقب أمير.
وقال الأمير هشام إنه سعى في مطلبه برفقة محاميه في المحاكم المغربية، إلا أن «المحاكم المغربية لا يمكنها البت في ملف من هذا النوع لأنه من اختصاص الملك».
وكان الأمير هشام (58 سنة) طلب من الملك محمد السادس هذا الطلب للمرة الأولى منذ 7 سنوات.
وما يؤخذ على الأمير أنه يعلق بشكل مستمر على القضايا المغربية المحلية والعربية، ومن ذلك مقتل الخاشقجي.
ويوصف الأمير هشام بـ»الأمير الأحمر» أو الأمير المنبوذ، بينما وصف هو نفسه بـ»الأمير المُبعَد» في مذكراته التي تحمل العنوان نفسه.
ومعلوم أن قارب المُلْك، المبحر بأعلى درجات اليقظة والحماية والإتزان، لا يسمح على الإطلاق بأي ثقب فيه، حتى لو كان في حجم سُم الخياط، ودون ذلك خرطُ القتاد.