لقد احترت في وقفة تأمل مع ذاتي في استطلاعي لسيل هائل من المقالات التي انتشرت في عدد من المواقع الالكترونية وكانت في غالبيتها تحمل انتقادات هائلة وتنظر بعدسات سوداء لأداء حكومة سمير الرفاعي.
لقد تمكنت من التوصل إلى بعض التحليلات والاستنتاجات من خلال استعراض سريع لفحوى ما كتب حيث توصلت إلى نتيجة كانت بارزة في لهجة أصحاب المقالات وهي تمثل آراء شرائح : الطامعون من\" المستدولين و المستوزرين \" بهدف أن نصبح \" دولة الشعب الأردني وليس معالي الشعب الأردني\" ,
ثم كانت اغلب المقالات قد اتخذت منحى تصعيديا ضد الحكومة وكانت تتخذ \"قميص عثمان\" الغطاء باتجاه قضيتين رئيستين : الأولى الفساد الذي ظهر في وزارة الزراعة والثانية قضية الإزاحة في القرص الممغنط في نقل نتائج الثانوية العامة إلى المواقع الالكترونية .
كما أن تيار ثالث تابع اللهجة التي تحدث بها بيان الإسلاميين لحظة تشكيل الحكومة في حديثهم عن موضوع \" التوريث السياسي \"!
ومن هنا يأتي ألتساؤل ، لماذا صارت عملية تقييم أداء الحكومة بهذا المستوى من السوداوية ؟ وابدأ بالإسلاميين ومقالات أولئك المتابعين اللاهثين خلف موقف الإسلاميين في عدم قبولهم الحكومة ومناهضتها بدوافع \" التوريث السياسي \" رغم خروج الإسلاميين عن الأعراف والتقاليد المألوفة في تقييم أداء الحكومات ،لاسالهم واسأل من تابعوهم في بيانهم :هلا ذكرتموني بحكومة واحدة أيدها الإسلاميون ! ممن كانت لها أو لم تكن ذات طابع توريث سياسي ، بيد أن الغالبية العظمى من الحكومات ليست إلا من أبناء الطبقة العامة ، ثم لنفترض جدلا ،أن كل الحكومات كانت ذات طابع توريث سياسي !الم تشذ حكومة واحدة مقنعة لهم كحكومة البخيت مثلا لا حصرا عن قاعدة التوريث كمبرر لتأييدها ، وهو الخارج من رحم طبقة عادية كان والده كغالبية آباء الأردنيين ، وعاش البخيت عيشة الحرمان التي ما عاشها غالبية أبناء الإسلاميين الذين يتنعمون بالشبحات ومأكولات البيتزا المجلل بالكاتش أب ، فلماذا لم يصدر بيان واحد يؤيد البخيت أو غيره من الرؤساء من نفس الطبقة ،هذا من ناحية ،ومن ناحية ثانية :هل كون الوالد أو الجد تقلد سلّطة معيارا لفشل الحكومة ونقدها كل هذا النقد!
والحقيقة إن هذا المصطلح \"التوريث السياسي \"اخترعه الإسلاميون من بنات أفكارهم ومن يدور في فلكهم في ساعة غابت فكرتهم ساعة سكرتهم ، وغاب من قاموس كل الديمقراطيات التي نعرفها هذا المصطلح ،بدليل الأب والابن بوش وسعد الحريري وغيرهم كثر،وقد حكم كلينتون ولا يعرف من هي أسرته فهل هذا أيضا معيار! ذلك لان التوريث ليس معيارا سلبيا بقدر ما يأتي الحكم على الانجاز والعمل ،ولماذا لا تكن ميزة ايجابية للشخص انه تخرج من بيت للخبرة في القيادة والإدارة السياسية !وهل يحرم الدين الابن بجرة أبيه أو خلفيته أم أن الأداء والكفاءة والنزاهة والجدية في مكافحة الفساد والتعامل معه هي معيار النجاح والفشل وموطن النقد والتقييم؟ ثم اصدر الإسلاميون بيانهم رقم 2 حول نتائج الثانوية العامة ! وهو خطا اقره الجميع واعترفوا بمسؤوليتهم تجاههه رغم انه خطا حصل لأول مرة وحيدة لم تتكرر قط ومن الممكن أن يحصل في أهم الدول ، ورغم ما سببته من إرباك إلا إن النتائج بقيت دقيقة في كل مراحلها من حيث التصحيح والجمع ، ويمكن تلاشي الخطأ الذي وقع في غاية السهولة والمنطق ، ولا يوجد ما يعيب الإجراء لسبب بسيط هوتوفر الحق لأي طالب يشكك في سلامة نتيجته أن يراجع ورقة إجابته حتى في الظروف الطبيعية لكي يتحقق وهو أمر مضبوط ودقيق يشهد له، فيما يكتب لوزارة التربية الأردنية ونظام الثانوية العامة في الأردن ومنذ عشرات السنيين مصداقيته وسلامته وموثوقيته ودقة اجاراءاته عبر مراحله التي يمر بها والتي لا يزال يتمتع بها لغاية اللحظة . وأما الجدية باتجاه الفساد في قضية اختلاسات الزراعة فلقد كانت ولا زالت تمثل مصداقية عالية في كشف كل من هو متورط في الفساد وتحويله للعدالة مهما كانت صفته وكانت الإجراءات في غاية السلامة وتسجل إلى صالح أداء الحكومة لا ضدها .
إن نزاهة الرئيس الرفاعي وصفحته البيضاء ، إذ لا نعرف للرجل لغاية اللحظة أية اسايا اونقاط سوداء تقدح أو تثلب من سجاياه ، وجديته في مكافحة الفساد والشفافية في الأداء والمحاسبة أليست هي كافية لدعم هذا التوجه الجديد في الحكم الذي أراده جلالة الملك واختار له وجها جديدا ليس له ماضيا ليغض الطرف عن هذا وذاك وهيأ له سيدنا بحنكته كل الظروف وصفد له شياطين قوى الشد العكسي المعروفة بسجلها ألجرمي الابتزازي ! ما الذي تبتغيه هذه القوى ومن يقف وراءها في هذا السيل الكاسح من الاتهامات الجوفاء والتخرصات الخرقاء ؟
اوليس هؤلاء هم أنفسهم الذين يقفون خلف مدارس وصالونات الحرس القديم ودوائر الفاسدين الذين يريدون إفشال أي كان على اعتبار \" أن المقروص يخاف من جرّة الحبل \" فالحبل قريب منهم ولا بد أن يصلهم ومن هنا تأتي هذه الحركات القرعاء كقنابل دخانيه لإبعاد الحبل من الجرة خوفا من فضحهم وكشفهم ، ولكل هذا يلجا ون أبواقهم من المأجورين و الرخيصين والمغررين والبسطاء في كل الأوساط ! ليس فينا احد عصيّ على النقد البنّاء الهادف أولا يقبله ، والمطلوب من الأحزاب أن ترتفع في خطابها وأفكارها وان لا تزيد الانحطاط والطين بله وتذكرنا بمناشير وبيانات الأحزاب السرية حينما كنّا طلابا في الجامعة قبل عشرين عام .
ليمض الرئيس ولا يلتفت لإعادة عقارب الساعة إلى الخلف فهناك الآلاف من النزهاء والداعمين الذين يقفون معه لتمض القافلة والمثل يقول : \" ما وجد عيب في الورد عاب لونه \" ولون الورد ورائحته لا تعيبه بل ترفع قيمته وجماله وأصبحت أعيش في قناعة لو أن رئيس الحكومة نبيا لخرج له أو استخرج ألف أبي لهب .