أغمضت عينيها و قالت لي بأسف و حسرة...:(لقد أضعت عمري،و لكنني لن اسمح بحدوث ذلك مع ابنتي )...كانت صديقتي تحدثني عن عشرين عاما من الزواج قضتها في غم و نكد لا تعرف اين بدأ حقيقة و تخاف الا ينتهي، هل النكد حالة حتمية نحياها بعد الزواج ؟ الا يشفع للزوجين كل الحب و التقدير للآخر؟ لماذا نفسياتنا هشة و علاقاتنا اكثر هشاشة ؟ لماذا لم يقل لي أحد بأنني سأواجه كل هذه الصعوبات بعد الزواج؟ لقد ظننت بأن الحياة ستسير سهلة سعيدة لمجرد انني ارتبطت بالشخص الذي اعتقدت بأنني اناسبه و يناسبني!!! فاجأتني صديقتي بكلامها و تساؤلاتها الحزينة و قد كنت احسبها حتى ذلك الوقت من أكثر الناس الذين أعرفهم قربا للسعادة و الاستقرار ، فهي من ذلك الصنف من الناس الذين يحسنون الاختيار في كل ما يمكنهم اختياره في الحياة.........تابعت كلامها و هي تراقب ملامحي الحيرى : \" قد أبدو لكل من يعرفني انسانة مرحة ذكية بما يكفي لأكون زوجة مثالية لرجل يراه الجميع مثاليا، لكن الحقيقة هي أنني ممثلة بارعة في التكتم على العواصف التي تملأ أجواء حياتي الزوجية.)
تجرأت بسؤالها :\" و لم العواصف و انت انسانة طيبة القلب و زوجك يشهد له الجميع بذلك أيضا\"...أجابتني :\"هذا ما يزيدني ألما فوق المي، لقد كانت السعادة دوما حولي و كنت أنا من يتجنبها ، لأنني لم افهم منذ البداية الف باء التفاهم الانساني و القواعد السحرية في التغلب على الغضب السريع و النكد المستمر، لقد كنت أجهل أن الحوار المحب المصلح هو العلاج لأية مشكلة قد تبدأ سخيفة سطحية ثم ما تلبث أن تمتد جذورها في مساحات القلب لتستبدل النكران و الجحود بالحب و التقدير.كلمات بسيطة رقيقة و بعض اللين مع الرجل الذي سعدت يوما بمشاركته الحياة بحلوها و مرها كانا كفيلين بتجنيبنا معظم المرارة التي تجرعناها بشكل شبه يومي....\" أكملت بهدوء :\"لم أستطع أن أكون ممتنة و لم أفهم أن الرضا شكل من أشكال حمد الله عز و جل ، و أن تقديري لمحبة زوجي و اهتمامه و سعيه البائس لإرضائي هو ايضا رضاَ يفضي الى الحمد الذي يحفظ النعمة و يباركها. . كثيرا ما سمعت زوجي يردد بيت الشعر الشهير :
أيها الشاكي و ما بك داء كيف تغدو إذا غدوت عليلا
و لكنني لم أربط أبدا بين هذه الحكمة و ما أنا فيه ، حتى قررت بأن أرى الجمال في نفس زوجي -كما رأيته أول مرة – و قارنته بالقبح الذي يملا نفوس بعض الرجال الذين أسمع عنهم أو أراهم في محيطي \".
تابعت و هي تحدق في الفراغ: \" لن أتمنى عودة الأيام ..فهي لن تعود ، و لن اهدر المزيد من السعادة في طلب المستحيل، لكنني قطعت على نفسي عهدا بأن يكون منزلنا مصنعا لمشاريع السعادة ..سأعلم أبنائي منذ اللحظة هذا الدرس الذي فهمته متأخرا\"
آفاق يوسف العظم
Afaq.ola@hotmail.com