سلامة الدرعاوي - أنهت بعثة صندوق النقد الدولي مراجعتها الرابعة لبرنامج التسهيلات والدعم الموقع مع الأردن للفترة 2019 – 2023.
هذه المراجعة في غاية الأهمية بالنسبة للأردن الذي سيقوم الشهر المقبل باللجوء لسندات يورو لتسديد سندات بقيمة مليار دولار، وسيكون لها انعكاس إيجابي في الحد من الأثر المرتفع لأسعار الفائدة التي تشهد حاليا ارتفاعات متتالية بسبب موجة التضخم العالمية التي تجتاح اقتصادات العالم.
أهمية هذه المراجعة أنها تأتي في ظل تداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية وبعد تداعيات جائحة كورونا، فتداعيات هذه الأزمات تلقي بظلال قاتمة على الاقتصاد العالمي وسيكون لها تأثير سلبي على وتيرة النمو لكثير من البلدان ومنها الأردن.
المراجعة الرابعة تعني منح الأردن تسهيلات جديدة تصل لـ500 مليون دولار تساهم في دعم جهود الخزينة لتلبية نفقاتها المختلفة، خاصة الطارئة منها.
اعتراف واضح في المراجعة الرابعة لبعثة الصندوق بضرورة دعم الجهود الحكومية في تعزيز حزمة الأمان الاجتماعي للطبقات الفقيرة والمتوسطة التي تتأثر بتداعيات ارتفاعات الأسعار العالمية سواء أكانت في الطاقة او في الغذاء، وسيكون هناك مخصصات إضافية لدعم الأمان الاجتماعي في مخصصات الموازنات العامة المقبلة.
المراجعة الرابعة ما كانت لتتم بهذا الشكل الإيجابي دون التأكد من استمرار الحكومة في عملها الإصلاحي الهيكلي للعديد من السياسات والقطاعات بشكل مدروس، مما يعزز في استعادة التعافي التدريجي للاقتصاد الوطني الذي بات اليوم في نظر البعثة الدولية اقتصاد في مرحلة التعافي الفعلي، والعودة إلى سلم النمو بتقديرات أولية تصل مع نهاية هذا العام إلى 2.4 %، ومن المرجح ان تزيد معدلات النمو في المدى المتوسط على الـ3 %، مما يعطي دعم إضافي لجهود الحكومة في مواجهة تحديات البطالة وخلق فرص عمل جديدة لفئات الشباب والمرأة.
الإشادة كانت واضحة من صندوق النقد الدولي بالنموذج الإصلاحي الضريبي في الأردن والذي حقق نموا غير مسبوق في توسعة قاعدة الشمول الضريبي ومكافحة التهرب بشكل أدى للوصول لغالبية الأهداف المرجوة من الإصلاح الضريبي المنشود دون زيادة اعباء ضريبية جديدة على المكلفين، معتبرين هذه النموذج يستحق التعميم والانتشار واستنساخه في التطبيق والتنفيذ على باقي القطاعات.
مراجعة الصندوق تضمنت تأكيد المؤسسة الدولية على دعم جهود الأردن في مواجهة تداعيات الأزمات الدولية، ودعم صموده لمواجهة آثار استضافته للاجئين والدور الكبير الذي تقوم به المملكة في هذا المضمار رغم التحديات المالية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر في استقرار المجتمع، وفي هذا الصدد وجهت البعثة المانحين والمؤسسات الدولية والدول الصديقة لتقديم المنح للاقتصاد الأردني حتى يتمكن من اتمام قدرته في تنفيذ رسالته الإنسانية بخصوص اللاجئين.
هذه المراجعة قد تكون الأهم بالنسبة للحكومة الأردنية في هذا الوقت تحديدا، لتقطع الشك ومن خلال أكبر مؤسسة اقتصادية عالمية بالإشادة بالإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، وتعزيز الاستقرار النقدي والاشادة بشكل مميز بالدور الذي يلعبه البنك المركزي في هذا المضمار وقدرته على زيادة استقرار سعر الصرف وتوفير نوافذ تمويلية متعددة لدعم القطاعات الإنتاجية المختلفة وبناء احتياطيات كبيرة من العملات الصعبة.
الصندوق داعم رئيسي للاقتصاد الأردني في توفير مساحات مالية جديدة له بأسعار فائدة اقل مما هي عليه في الأسواق العالمية، ويساند الأردن في المحافل الدولية ولدى مؤسسات التصنيف السيادي التي فعلا أعطت تصنيفات مستقرة للاقتصاد الوطني خلال الأشهر القليلة وبشكل متميز في المنطقة، ومشارك رئيسي في جهود الحكومة لمواجهة البطالة وتعزيز قدرة صمود الخزينة على مواجهة المديونية وفوائدها من خلال النهوض بمعدلات النمو وزيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية والتشغيل، وتعزيز ممكنات التحفيز في البيئة الاستثمارية المحلية، بحوافز وتسهيلات تساند عمليات التشغيل والتوظيف في الاقتصاد الوطني.
المراجعة الرابعة ما كانت لتحدث بهذا الشكل الإيجابي لولا الجهود التي بذلت في وزارة المالية والبنك المركزي وعدد من المؤسسات التي ساهمت بشكل كبير في تثبيت خريطة الإصلاح الهيكلي وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بالاقتصاد الأردني.